مطار بيكرينغ المقترح: تاريخ طويل ومستقبل غير مؤكد لمشروع حيوي
لطالما كان مطار بيكرينغ المقترح، الواقع في منطقة بيكرينغ بمقاطعة أونتاريو الكندية، على بعد حوالي 65 كيلومترًا (40 ميلًا) شرق مطار تورونتو بيرسون الدولي، موضوعًا لنقاشات وتوقعات كبيرة. يهدف هذا المشروع الطموح إلى توفير خدمة جوية إضافية لمنطقة تورونتو الكبرى و"جولدن هورسشو" الكندية سريعة النمو، وتتولى هيئة مطارات تورونتو الكبرى (GTAA) مسؤولية تشغيله في حال إنشائه.
البدايات الطموحة والمعارضة المبكرة:
تعود جذور خطط الحكومة الكندية لمطار بيكرينغ إلى أواخر الستينيات وأوائل السبعينيات. في تلك الفترة، ومع تزايد التوقعات لنمو حركة السفر الجوي، بدأت الحكومة في التخطيط لمطار دولي جديد لتخفيف الضغط على مطار بيرسون. كجزء من هذه المبادرة، تم في عامي 1972 و1973 مصادرة مساحات شاسعة من الأراضي في بلدات بيكرينغ وأوكسبريدج وماركهام، تمهيدًا لبناء المطار.
ومع ذلك، لم يكن هذا المشروع بدون معارضة. بل كانت المعارضة للمشروع واسعة الانتشار من قبل المجتمعات المحلية والمنظمات البيئية التي رأت في المطار تهديدًا للأراضي الزراعية والمناطق الطبيعية والحياة المجتمعية. تصاعدت هذه المعارضة بشكل كبير، مما أثر على تقدم المشروع.
التوقف والتقييمات الحديثة:
شهد عام 1975 توقفًا مفاجئ للنشاط الأولي لإنشاء المطار، عندما أعلنت حكومة أونتاريو، الشريك الإقليمي في المشروع، أنها لن تقوم بإنشاء البنية التحتية الأساسية مثل الطرق وشبكات الصرف الصحي اللازمة لخدمة الموقع. هذا القرار أوقف فعليًا التقدم في بناء المطار لسنوات عديدة.
بعد عقود من الجمود، عادت فكرة المطار إلى الواجهة في عام 2010. في ذلك العام، وبناءً على تكليف من الحكومة الفيدرالية، أكملت هيئة مطارات تورونتو الكبرى (GTAA) "تقييم احتياجات" مطار بيكرينغ. كانت نتائج هذا التقييم محورية في تحديد المسار المستقبلي للمشروع.
نتائج التقييم والآراء المتباينة:
أوصى تقرير دراسة تقييم الاحتياجات بضرورة احتفاظ الحكومة الفيدرالية بأراضي بيكرينغ. كانت الحجة وراء هذه التوصية هي "الحفاظ على خيار بناء مطار، إذا كان ذلك مطلوبًا وعند الضرورة"، مما يشير إلى رؤية استراتيجية طويلة المدى للحفاظ على هذا الموقع كخيار مستقبلي.
لم يتفق الجميع مع منهجية الدراسة واستنتاجاتها. فقد أعربت الرابطة الكندية للملاك والطيارين (COPA)، وهي جمعية تمثل أصحاب الطائرات الخاصة والطيارين، عن تحفظاتها الشديدة. واعتبرت الرابطة أن "عملية تنفيذ مطار جديد في بيكرينغ يجب أن تكون قيد التنفيذ في الوقت الحالي"، مؤكدة على الحاجة الملحة للمطار من وجهة نظرهم.
في المقابل، قدمت وزارة النقل في أونتاريو (Metrolinx)، في ردها الخاص على تقرير الدراسة، وجهة نظر مختلفة. شككت الوزارة في بعض استنتاجات الدراسة واقترحت بديلاً. زعمت أنه بدلاً من بناء مطار جديد، فإن "السكك الحديدية المكهربة عالية السرعة" ستكون "بديلاً ممتازًا للغاية" لجزء كبير من حركة المسافات القصيرة التي يتعامل معها مطار بيرسون حاليًا، مما يشير إلى حلول نقل بديلة.
الوضع الحالي والمستقبل غير المؤكد:
في يونيو 2013، أعادت الحكومة الفيدرالية تأكيد نيتها في الاحتفاظ بالأرض المخصصة للمطار المستقبلي، مشيرة إلى أن دراسة تقييم الاحتياجات قد خلصت إلى أن المطار سيكون ضروريًا خلال الإطار الزمني الممتد من 2027 إلى 2037. هذا الإعلان جدد الآمال في إمكانية إحياء المشروع.
ومع ذلك، شهد يوليو 2015 تطورًا مهمًا آخر. قامت الحكومة الفيدرالية بحماية أكثر من نصف الأراضي الزراعية والموائل الطبيعية بشكل دائم على الموقع، وذلك بإضافتها إلى متنزه روج الوطني الحضري (Rouge National Urban Park). هذا القرار يقلل بشكل كبير من المساحة المتاحة لأي تطوير مستقبلي للمطار.
بالتزامن مع ذلك، أعلنت الحكومة عن نيتها استخدام ما تبقى من الموقع للتنمية الاقتصادية، والتي قد تشمل مطارًا محتملًا في المستقبل. ومع ذلك، شددت الحكومة على أنه لم يتم اتخاذ أي قرارات نهائية بشأن تطوير أو توقيت مطار محتمل في المستقبل، مما يترك مصير المشروع معلقًا حتى الآن.
بناءً على ذلك، يبقى مطار بيكرينغ المقترح مشروعًا ذا تاريخ معقد ومستقبل غير مؤكد، تتجاذبه الحاجة المتزايدة للبنية التحتية الجوية من جهة، والاعتبارات البيئية والاجتماعية والحلول البديلة من جهة أخرى.