بنك بيبلوس: قصة نمو من شركة عائلية إلى أحد أعمدة القطاع المصرفي اللبناني
يُعد بنك بيبلوس (Byblos Bank Group)، الذي يُختصر اسمه إلى BYB، أحد أبرز المؤسسات المالية في لبنان، حيث يتميز بتاريخ عريق يمتد لأكثر من نصف قرن. يقع المقر الرئيسي للبنك في العاصمة اللبنانية بيروت، وقد رسخ مكانته كلاعب رئيسي في القطاع المصرفي بالبلاد.
النشأة والتطور التاريخي: من التجارة إلى المصرفية
لم تكن بدايات بنك بيبلوس كمصرف مباشر، بل نشأ من جذور تجارية وزراعية عريقة. تأسس البنك في عام 1950 تحت اسم "Société Commerciale et Agricole Byblos Bassil Frères & Co.". كانت هذه الشركة اللبنانية متخصصة في عدد من الأنشطة الاقتصادية الحيوية آنذاك، بما في ذلك تجارة الحرير الطبيعي، والدباغة الجلدية، بالإضافة إلى تقديم خدمات الائتمان الزراعي. هذا الأصل التجاري والزراعي منح البنك فهمًا عميقًا للاقتصاد اللبناني المحلي من مراحله الأولى.
شهد عام 1961 تحولًا مهمًا في مسيرة الشركة، حيث تغير اسمها إلى "Société Bancaire Agricole Byblos Bassil Frères & Co.". هذا التعديل في الاسم عكس توجه الشركة المتزايد نحو الأنشطة المصرفية والمالية. بعد ذلك بعامين، وتحديدًا في عام 1963، تم تأسيس الكيان رسميًا تحت اسم بنك بيبلوس ش.م.ل (Byblos Bank S.A.L.)، ليتم تسجيله في مصرف لبنان، الذي كان قد أُنشئ حديثًا في تلك الفترة. هذا التسجيل كان خطوة حاسمة أضفت الشرعية والصفة المصرفية الكاملة على المؤسسة.
المؤسسون والرؤية العائلية:
يعود الفضل في تأسيس بنك بيبلوس ش.م.ل في عام 1963 إلى مجموعة من الشخصيات البارزة التي تنحدر من عائلات قوية وراسخة، جميعهم من مدينة بيبلوس الفينيقية القديمة، الواقعة شمال بيروت. هؤلاء المؤسسون الأوائل هم: سيمان باسيل، يوسف ملكان باسيل، فيكتور فرنيني، وفؤاد فرنيني. إن انحدارهم من هذه المدينة التاريخية، المعروفة بدورها التجاري والحضاري عبر العصور، ربما أسهم في غرس روح الريادة والتوسع في صلب هوية البنك.
يُذكر أن فرانسوا باسيل، الرئيس الحالي للبنك، كان له دور محوري في هذه المرحلة التأسيسية الحاسمة في عام 1963، مما يشير إلى استمرارية الدور القيادي للعائلة في إدارة وتوجيه دفة البنك عبر الأجيال.
مكانة بنك بيبلوس في القطاع المصرفي اللبناني:
يُصنف بنك بيبلوس حاليًا كـثالث أكبر بنك في لبنان من حيث الأصول، مما يعكس حجم عملياته ونفوذه في السوق المصرفي. يتمتع البنك بشبكة فروع واسعة داخل لبنان، حيث يدير حاليًا 86 فرعًا، مما يضمن وصوله إلى قاعدة عملاء عريضة في مختلف المناطق.
يُعد بنك بيبلوس واحدًا من "بنوك ألفا" (Alpha Banks) في لبنان، وهي الفئة التي تضم أكبر وأقوى البروع في البلاد. منافسوه الرئيسيون في هذه الفئة هم بنك عودة، بنك لبنان والمهجر، وفانسبنك. هذه البنوك الأربعة تشكل معًا الركيزة الأساسية للنظام المصرفي اللبناني. في نهاية عام 2012، كان بنك بيبلوس يحتفظ بحوالي 10% من إجمالي أصول النظام المصرفي، مما يؤكد حجم حصته السوقية وتأثيره.
القوة المالية والاعتراف الدولي:
تجاوزت سمعة بنك بيبلوس الحدود اللبنانية، وحصل على اعتراف دولي بقوته ومتانته المالية. في عام 2014، أبرزت مجلة "بانكر" المرموقة أن بنك بيبلوس يمتلك أعلى نسبة من رأس المال إلى الأصول بين المصارف اللبنانية، وذلك للسنة الخامسة على التوالي. هذا الإنجاز يعكس التزامه بالإدارة الحصيفة للمخاطر وقوته الرأسمالية، مما يجعله البنك الأكثر صلابة في البلاد من منظور الاستقرار المالي.
كما حصل البنك على تقدير من مجلة "فوربس" العالمية، حيث تم تصنيفه في عام 2013 كـالشركة رقم 134 في العالم العربي، مما يؤكد مكانته ليس فقط على الصعيد المحلي ولكن أيضًا على المستوى الإقليمي كلاعب اقتصادي مهم.
باختصار، يمثل بنك بيبلوس قصة نجاح لمؤسسة مالية لبنانية نشأت من جذور متواضعة لتصبح اليوم أحد الأعمدة الرئيسية للقطاع المصرفي، مدعومة بإرث عائلي، وقوة مالية، واعتراف دولي.