قبائل حميرية عريقة: تتبع الأنساب والانتشار الجغرافي من اليمن إلى قطر - دراسة معمقة في تاريخ سيبان، يافع، المهرة، وتوضيح نسب خولان العالية

قبائل حميرية عريقة: انتشارها وتاريخها في اليمن وخارجها

تُعد القبائل الحميرية من أصول عريقة وذات انتشار واسع في شبه الجزيرة العربية، لا سيما في اليمن. هذه القبائل، التي لا تتبع نسب خولان بن عامر بن قضاعة، تضم مجموعات كبيرة وعريقة كان لها دور بارز في تاريخ المنطقة. من أبرز هذه القبائل نجد:

  • سيبان والحموم: قبيلتان معروفتان في اليمن، لهما تاريخ طويل من النفوذ والتأثير.
  • شرعب وصرواح ووصاب: مناطق وقبائل تحمل أسماءها، وتُعرف بتعمقها في النراث اليمني.
  • كافة قبائل يافع: تُعد يافع من أكبر وأهم القبائل اليمنية، ولها بطون عظيمة امتدت لتستقر في مناطق بعيدة مثل قطر، مما يدل على اتساع نفوذها وقدرتها على الهجرة والاستيطان.
  • قبائل ذييب بأرض شبوة: تُعد قبائل ذييب جزءًا لا يتجزأ من النسيج الاجتماعي في منطقة شبوة باليمن.
  • قبيلة الدينّ وحراز: قبائل أخرى لها جذور حميرية عميقة في اليمن.
  • كافة قبائل المهرة: تتميز قبائل المهرة بثقافتها ولغتها الخاصة، وهي جزء أصيل من القبائل الحميرية التي استقرت في شرق اليمن.


خولان العالية: نسب حميري أصيل وتوضيحات تاريخية

في مناطق من صعدة باليمن، وتحديدًا في صرواح، توجد قبيلة خولان العالية. هذه القبيلة، على الرغم من أنها تُنسب أحيانًا إلى همدان، إلا أن أصولها الحقيقية تعود إلى حمير. هذا ما يؤكده المؤرخ الكبير الهمداني في كتابه "الإكليل الجزء الأول"، حيث يفصل نسب خولان العالية ليوضح انتماءها الحميري.

يذكر الهمداني أن أولاد خولان بن عمرو ثلاثة عشر ابنًا، سبعة منهم مذكورون في موضع، وستة آخرين هم: حبيب، عمرو، الأصهب، قيس، ونبيت. ويُشير إلى أن بني خولان بن عمرو بن الحاف، وهؤلاء الستة، يتواجدون ما بين صنعاء ومأرب، ويُطلق عليهم اسم "خولان العالية".

لكن الهمداني يعود ليؤكد على النسب الحقيقي لخولان العالية، فيقول: "خولان العالية من أولاد خولان بن عمرو بن مالك بن الحارث بن مرة بن أدد بن عمر بن عريب بن زيد بن كهلان ابن سبأ".


توضيح الالتباس في النسب: فرق البلاد لا فرق النسب

يُشير الهمداني بوضوح إلى أن هذا النسب (الذي قد يبدو مختلفًا عن النسب الهمداني)، هو ما عليه خولان العالية بالفعل. يؤكد أنهم "من أول الدهر إلى آخره ينتسبون إلى حمير"، ولا ينكرون أخوتهم مع خولان بن عمرو بن الحاف في حقل صعدة ونواحيها.

التعبير "خولان العالية" لم يُطلق للتمييز في النسب، بل هو "للفرق بين البلاد لا الفرق بين النسب". يوضح الهمداني هذه النقطة بأمثلة مماثلة:

  • أزد شنوة وأزد عمان: الجميع من الأزد، لكن التسمية تفرق بين مناطق سكناهم.
  • طئ السهل وطئ الجبل: يشير إلى مناطق سكنى قبيلة طئ.
  • خولان الشام وخولان اليمن: رغم اختلاف المناطق، لكن الأصل واحد.
  • همدان الجبال وهمدان البون: دليل على تفرع قبيلة همدان في مناطق جغرافية مختلفة.
  • عذر شعب وعذر مطرة: توضيحات لمناطق سكنى قبيلة عذر.

هذا التوضيح من الهمداني يُبرز أهمية فهم السياق الجغرافي عند تتبع الأنساب، ويوضح أن بعض الأسماء الجغرافية لا تعني بالضرورة اختلافًا في الأصل العشائري.


شهادة نشوان بن سعيد الحميري: شعر يوثق الأنساب

يُعزز الشاعر والمؤرخ نشوان بن سعيد الحميري ما ذكره الهمداني حول نسب خولان العالية في شعره، مما يُضيف بُعدًا أدبيًا وتوثيقيًا للمعلومات التاريخية. يقول نشوان بن سعيد الحميري:
ثم يضيف:
مضوا مع حجر بن الربيعة قادهم الى الحقل من صرواح ليث مكافح وإخوتهم ما بين صنعـا ومـأرب معايشـة أوطانهـم والمـسـارح
هذه الأبيات تشير إلى هجرة هذه البطون بقيادة حجر بن الربيعة إلى حقل صرواح، وتذكر إخوتهم الذين يعيشون بين صنعاء ومأرب.
ويختتم نشوان بن سعيد الحميري قصيدته بتحديد إخوتهم هؤلاء:
حُبيب وذكران وعمرو وأصهـب وقيس جميعاً والنبيـت الجحاجـح بنو القرم خولان ليـوث قضاعـة بني حمير إن صاح بالجدّ صائـح.
بصعدة من أولاد خـولان سبعـة أحلهـم فيهـا القنـا والصفائـح صحار ورشوان وحيّ وهانـيء وأزمع أيضـاً ثـم سعـد ورازح
هذه الأبيات تحدد سبعة من أولاد خولان الذين استقروا في صعدة، مما يؤكد تواجدهم هناك ودورهم في المنطقة.

هذا المقطع الشعري يؤكد بشكل صريح أن خولان هم "ليوث قضاعة"، ولكن الأهم هو تأكيده على أنهم "بني حمير إن صاح بالجدّ صائح"، مما يقطع الشك باليقين في انتمائهم الأصيل إلى حمير، ويُرسخ هذا النسب في الذاكرة الجمعية من خلال الشعر.

أحدث أقدم

نموذج الاتصال