سيدي سالم: رحلة علمية وتاريخية في الزوايا المغربية، وتأثيره في تأسيس مدرسة زاوية سيدي بوطيب ودورها في نشر المعرفة

سيدي سالم.. رمزية مكانية وتاريخية

تُعدّ زيارة شيوخ وأتباع زاوية سيدي بوطيب في قبيلة أحمر إلى العونات تقليدًا سنويًا راسخًا، يُقام في غرة شهر غشت من كل عام. هذه الزيارة ليست مجرد لقاء، بل هي إحياء لذكرى سيدي سالم، وهو فقيه وعالم جليل، وإن كانت تفاصيل حياته مثل تاريخ ولادته ووفاته غير معروفة بدقة. تُعتبر هذه الزيارة مخصصة بشكل خاص لأنجال سيدي سالم، الذين يحملون إرثه الروحي والعلمي.


رحلة سيدي سالم في طلب العلم: من المحلية إلى العالمية

سيدي سالم، المعروف باسمه الكامل سالم بن العربي بن الحاج عمر الحمري البهيسي الوگـادي، كرس حياته لطلب العلم والتحصيل المعرفي، متنقلاً بين أهم المراكز العلمية والدينية في المغرب.

بدأ سيدي سالم مسيرته التعليمية في مسقط رأسه، حيث درس في زاوية سيدي بوطيب. ثم انتقل إلى الزاوية البوسونية لمواصلة دراسته، مما يدل على شغفه بالتعمق في العلوم الدينية. لم تتوقف رحلته عند هذا الحد، بل توجه إلى زاوية سيدي التونسي بن بويه في العونات، حيث واصل تحصيله العلمي تحت إشراف هذا الفقيه الجليل.

وبعد وفاة سيدي التونسي بن بويه، رحل سيدي سالم إلى مدينة فاس العريقة، التي كانت في ذلك الوقت مركزًا حضاريًا وعلميًا نابضًا. قضى هناك فترة طويلة في طلب العلم، مما أثرى معرفته وخبرته بشكل كبير.


تأسيس المدرسة ودورها في نشر العلم

بعد عودته إلى قبيلته وأرضه، أسس سيدي سالم مدرسة خاصة به في زاوية سيدي بوطيب، في نفس المكان الذي أصبح لاحقًا ضريحه. تُعتبر هذه المدرسة نقطة تحول في المنطقة، حيث أصبحت منارة للعلم والتقوى.

كان سيدي سالم يلقي دروسه العلمية بنفسه، مستعينًا في ذلك بالفقيه سيدي فضول، الذي كان يُعرف بكونه أحد أقطاب العلم الصوفي والتقوى في عصره. تُؤكد هذه الشراكة العلمية على عمق المعرفة التي كانت تُقدم في هذه المدرسة، وعلى المكانة الرفيعة التي كان يحتلها سيدي سالم وسيدي فضول في مجتمعهم.

وهكذا، تُعدّ زيارة شيوخ زاوية سيدي بوطيب إلى العونات في شهر غشت من كل عام إحياءً لهذه المسيرة العلمية والروحية، وتأكيدًا على استمرارية الإرث الذي تركه سيدي سالم.

إرسال تعليق

أحدث أقدم

نموذج الاتصال