قبيلة البيهات: رحلة الشرفاء الرقيبات الأزلية بين الساقية الحمراء، ووادي الذهب، والضفاف الجنوبية لوادي درعة (تاريخ، ترحال، ومجال)

قبيلة البيهات: رحالة الصحراء بين الساقية الحمراء ووادي الذهب ودرعة

قبيلة البيهات هي إحدى الفخذات الهامة التي تنتمي إلى قبائل الشرفاء الرقيبات، وتحديداً إلى فرع رقيبات الشرق، المعروفين بـ "الكواسم". تعد هذه القبيلة جزءاً أصيلاً من سكان الصحراء المغربية، وتاريخها مرتبط ارتباطاً وثيقاً ببيئة الصحراء الشاسعة ونمط الحياة البدوي الرحال.


الأصل والانتماء القبلي:

  • الانتماء الأكبر: تنتمي البيهات إلى قبيلة الرقيبات، التي يعود نسبها إلى الجد الأكبر الشهير سيدي أحمد الركيبي "الليث"، المدفون بمنطقة "الحبشي" في الساقية الحمراء.
  • الفرع: البيهات هم من فخذات رقيبات الشرق، الذين ينتشرون بشكل عام في المناطق الشرقية من مجال الرقيبات.
  • الفروع الداخلية: تنقسم فخذة البيهات نفسها إلى عدة أفخاذ وعشائر، منها:

  1. أولاد أيا أهل دادا
  2. أولاد أيا أهل سيدي العالم
  3. أولاد أيا أهل سيدي الزين
  4. أهل القاضي الأبيض أو لكحل
  5. أهل سيد أحمد بن يحيى
  6. المرازكية
  7. أهل حيون
  8. أهل سيدي عبد الله موسى


مجال التنقل (الساقية الحمراء، وادي الذهب، درعة):

تشتهر قبيلة البيهات بنمط حياتها الرحال الذي يعتمد على الرعي والتنقل الموسمي بحثاً عن المراعي والماء. يمتد مجال تنقلها ليشمل مساحة واسعة من الصحراء، كما يلي:

  • الساقية الحمراء: هي الموطن الأساسي والعمق التاريخي لعموم قبائل الرقيبات. تتواجد البيهات في هذه المنطقة، وهي تقع بين طرفاية ومدينة السمارة غرباً وتندوف (الجزائر) شرقاً، وتشكل نقطة انطلاق وعودة هامة للقبيلة.
  • وادي الذهب: تتجه بعض مسارات القبيلة جنوباً لتشمل مناطق وادي الذهب ، وهو ما يدل على سعة حركتها وقدرتها على التكيف مع مختلف البيئات الصحراوية، خاصة في مواسم الجفاف أو الحاجة لمراعي جديدة.
  • وادي درعة والمناطق الشمالية: تمتد تنقلات البيهات شمالاً لتصل إلى وادي درعة (درعة السفلى) وإلى مناطق مثل طرفاية (التي تقع شمال الساقية الحمراء). هذا الامتداد شمالاً يربطهم بالمناطق شبه الصحراوية والجنوبية للمغرب، ويوضح عمق علاقاتهم وتأثيرهم على طرق التجارة والرعي في المنطقة.
  • ملاحظة: تشير بعض الإحصائيات التي تعود إلى فترة الاستعمار (1946م) إلى أن عدد خيام البيهات كان لا يتجاوز الـ 500 خيمة آنذاك، وهي تتنقل بين الساقية الحمراء وطرفاية حتى وادي درعة، مما يؤكد النطاق الواسع لحركتهم.

 

نمط الحياة والخصائص:

  • الترحال والرعي: كان الرعي، خاصة الإبل (الجمال) والماعز، هو النشاط الاقتصادي الأساسي. كان البيهات، شأنهم شأن فخذات الرقيبات الأخرى، يمتلكون أعداداً كبيرة من الإبل، مما منحهم قوة اقتصادية وحربية.
  • الشجاعة والمعرفة بالصحراء: عرفت القبيلة بشجاعتها وبراعتها في التنقل ومعرفة دروب الصحراء ومواقع الآبار المنتشرة بها، وهي صفة ضرورية للحفاظ على وجودها في هذا النطاق الجغرافي الواسع والصعب.
  • الدور الديني والثقافي: باعتبارهم من الشرفاء الرقيبات، كان لهم دور ديني وثقافي في المنطقة. ويظهر ذلك في إحيائهم للمواسم الدينية الهامة، مثل الموسم الديني التاريخي للقطب الرباني الشيخ بابيه (نجل سيدي أحمد الركيبي) بمنطقة "أسرير" التابعة لكليميم، مما يعزز صلة الرحم والموروث الثقافي للقبيلة.

دور القبيلة في تاريخ المنطقة:

  • المقاومة: أسهمت قبائل الرقيبات، ومن ضمنها البيهات، بدور بارز في مقاومة الاستعمارين الفرنسي والإسباني في المنطقة الصحراوية.
  • حفظ الأعراف: ساهمت القبيلة في الحفاظ على الأعراف والتقاليد الصحراوية، بما في ذلك نظام إدارة شؤون القبائل المعروف بـ "آيت أربعين" (مجلس الأعيان).

تُعد قبيلة البيهات بذلك مثالاً على الهوية البدوية الأصيلة في الصحراء، التي حافظت على امتدادها الثقافي والاجتماعي والجغرافي عبر مناطق حيوية مثل الساقية الحمراء، ووادي الذهب، ودرعة.

إرسال تعليق

أحدث أقدم

نموذج الاتصال