طُرح سؤال مهم في بيئات الأعمال ألا وهو "هل تتنافس الدول على نفس النحو الذي تمارسه المؤسسات"، فالاقتصادي الأمريكي "جيفري ساكس" يؤيد هذه الفكرة، حيث يرى أن التنافسية تشير إلى قدرة المؤسسات الاقتصادية للدولة وسياساتها على تحقيق النمو في ضوء الهيكل الكلي للاقتصاد العالمي، وهذا يعني أن الاقتصاد يكون منافساً عالميا إذا كانت مؤسساته وسياساته تدعم النمو الاقتصادي السريع والمطرد.
فالدول تتنافس فيما بينها من خلال السياسات والمؤسسات التي تختارها لتحفيز النمو على المدى البعيد بغرض تحسين المستوى المعيشي لأفرادها، إذا مجال المنافسة بين الدول هو مجال تحقيق النمو الاقتصادي، ويتأتى لها ذلك بتطبيق:
- السياسات الجيدة.
- الأسواق المفتوحة.
- الإنفاق الحكومي الجيد.
- معدلات الضريبة المنخفضة.
- أسواق العمل المرنة.
- نظام سياسي مستقر.
- نظام قضائي كفؤ.
- البنية الأساسية والإدارية والتكنولوجية الجيدة.
ويؤيد هذه الفكرة الاقتصادي "لسترو ثارو" بقوله أن المؤسسة يقع على عاتقها تبني أحسن التقنيات التكنولوجية والإدارية للاستجابة الأولية لتحسين التنافسية، وإذا ظهر عدم قدرة المؤسسة على تحسين أدائها نظراً لمعوقات في السوق، بات من الضروري تدخل الدولة.
يتمثل دور الدول في دعم التنافسية، فإيجاد مناخ ملائم لكي تستطيع المؤسسات تحسين أدائها ويتجلى هذا في عدة مؤشرات ومظاهر في الحياة الاقتصادية أهمها:
1- استقرار البيئة الاقتصادية الكلية من خلال تدني معدلات التضخم وتمويل عام ملموس، ومعدلات ضريبية تنافسية.
2- إزالة كافة معوقات التجارة، المحافظة وتطوير أسواق عالمية مفتوحة وتنافسية.
3- تدعيم المؤسسات الصغيرة والمتوسطة بإزالة كافة الأعباء غير الضرورية على نشاطها الاقتصادي.
4- تحرير الأسواق بغية عملها بكفاءة، وتحفيز الأفراد والمؤسسات من خلال إصلاح الضرائب المفروضة عليهما.
5- ضمان بيئة مواتية للاستثمار المحلي، وتحسين الخدمات المقدمة من قبل الحكومات مثل التعليم.
ومن هنا ظهر مصطلح "السياسة التنافسية" والتي تعرف بأنها "زيادة كفاءة جانب العرض في الاقتصاد في ظل خصائص معينة لأسواق المنتجات وأسواق رأس المال، ورصيد المعرفة المستندة إلى العولمة" وحددت منظمة التنمية والتعاون الاقتصادي (OECD) أدوات السياسة التنافسية في تحفيز هياكل السوق عبر إجراء إصلاحات اقتصادية في جانب العرض وإصلاح أنظمة ممارسة السلطة ونظام الضرائب، والتعليم وأنظمة البحث والتطوير، وآليات نقل التكنولوجيا والبيئة الأساسية وغيرها.
وتتمثل أهداف السياسة التنافسية في تدعيم قدرة المؤسسات الصناعية أو الدول على توليد دخول مرتفعة لعناصر الإنتاج ومستويات مرتفعة من التوظيف.
لكن الاقتصادي الأمريكي"بول كروجمان" عارض فكرة تنافس الدول كتنافس المؤسسات، فإذا كانت مؤسسة غير قادرة على تحسين أدائها فسوف يؤدي ذلك إلى خروجها من السوق، بخلاف ذلك فإن الدول تتنافس في القوى السياسية والعسكرية والسيادة، ويصل إلى أنه لا يوجد حد فاصل معرف بشكل جيد لمفهوم تنافسية الدول مما يجعل مفهوم تنافسية الدول مفهوم مضللاً.