مدينة رهط: عاصمة النقب البدوية
تقع مدينة رهط في منطقة النقب الصحراوية بجنوب إسرائيل، على بعد حوالي 12 كيلومترًا شمال غرب مدينة بئر السبع. تُعرف رهط بكونها أول مدينة بدوية في إسرائيل وعاصمة النقب البدوية، حيث تُعتبر مركزًا حضريًا رئيسيًا للمجتمعات البدوية في المنطقة.
التاريخ والتأسيس:
بدأت قصة رهط في عام 1972، عندما تأسست كجزء من خطة حكومية إسرائيلية تهدف إلى توطين وتجميع القبائل البدوية المنتشرة في الصحراء. كانت الفكرة هي إنشاء بلدات حضرية ثابتة لتوفير الخدمات الأساسية مثل التعليم، والصحة، والبنية التحتية. وكانت رهط أولى هذه البلدات السبع المخطط لها.
كانت البداية مع استيطان قبيلة العبرة، ثم تبعتها قبائل وعائلات أخرى من جميع أنحاء النقب. هذا التجمع القبلي أدى إلى تشكيل نسيج اجتماعي فريد ومتنوع. في عام 1994، تم إعلان رهط مدينة رسميًا من قبل رئيس الوزراء الإسرائيلي آنذاك، إسحق رابين، مما منحها صلاحيات إدارية أوسع.
التركيبة السكانية والاجتماعية:
رهط هي مدينة ذات تركيبة سكانية شابة ومتنامية، حيث يتجاوز عدد سكانها 40,000 نسمة. السكان ينتمون إلى مجموعة واسعة من القبائل والعشائر البدوية، مثل الهزيل، والقريناوي، والطوري، وأبو مديغم، والزيادنة، والعمور. هذا التنوع القبلي يمثل ثراءً ثقافيًا واجتماعيًا، ولكنه أحيانًا يثير تحديات اجتماعية وسياسية داخل المدينة.
المجتمع في رهط يتميز بتمسكه بالعادات والتقاليد البدوية الأصيلة، مع انفتاحه على الحداثة. تولي العائلات أهمية كبيرة للتعليم، وهناك جهود مستمرة لتطوير البنية التحتية التعليمية لتلبية احتياجات الأجيال الصاعدة.
الاقتصاد والحياة اليومية:
يعتمد اقتصاد رهط بشكل أساسي على الزراعة والتجارة المحلية. هناك أيضًا عدد متزايد من السكان العاملين في قطاعات مختلفة في المدن الإسرائيلية القريبة، مثل بئر السبع. شهدت المدينة في السنوات الأخيرة تطورًا في القطاع التجاري، حيث افتتحت العديد من المحلات والمراكز التجارية التي تخدم سكان رهط والمناطق المجاورة.
تتميز الحياة اليومية في رهط بطابعها الديني والاجتماعي. المساجد تلعب دورًا محوريًا في حياة السكان، حيث توجد في المدينة أكثر من أربعة عشر مسجدًا. هذه المساجد ليست مجرد أماكن للعبادة، بل هي أيضًا مراكز للتجمعات الاجتماعية والثقافية والتعليمية.
التحديات والآفاق المستقبلية:
تواجه مدينة رهط العديد من التحديات، مثل البطالة المرتفعة، والافتقار إلى فرص العمل، وصعوبة التكيف مع الحياة الحضرية لبعض العائلات البدوية. ومع ذلك، هناك جهود مستمرة من قبل السلطات المحلية والمجتمع المدني لتحسين الوضع. يتم التركيز على الاستثمار في التعليم، وتطوير البنية التحتية، وجذب الاستثمارات لخلق فرص عمل جديدة.
تُعد رهط مثالًا حيًا على التطور الحضري للمجتمع البدوي في النقب، وتلعب دورًا رئيسيًا في الحفاظ على الهوية الثقافية البدوية مع السعي نحو التقدم والتنمية.