نقل الوديعة إلى غيره لعذر السفر.. المودَع ليس له إيداع الوديعة لعذر السفر إذا كان صاحبها أو وكيله موجودين إلا بإذنهما



إذا نقل الوديعة إلى غيره لعذر السفر، ثم هلكت الوديعة أو تلفت بلا تعد ولا تفريط من المودَع، فهل يقبل فعل المودَع وينتفى الضمان عنه، أم أنه لا يقبل فعله ويكون ذلك موجباً للضمان عليه.
والعلماء من المذاهب الأربعة يرون أن المودَع ليس له إيداع الوديعة لعذر السفر إذا كان صاحبها أو وكيله موجودين إلا بإذنهما.
وهو قول المالكية، والحنفية، والشافعية، والحنابلة.
فإن دفعها إلى غير مالكها بغير إذنه فإنه يضمنها كما لو أودعها إلى غيره من غير عذر.
ولأن استدامة الوديعة غير لازم، وردها على مالكها متى شاء المستودع  جائز، وإذا كان كذلك فعليه إذا أراد السفر ومالكها حاضر أن يردها عليه.
وفي حال ما إذا لم يجد صاحب الوديعة ولا وكليه، فإن الفقهاء اختلفوا في ملكيته لإيداعها على ثلاثة أقوال:
القول الأول: أن له إيداع الوديعة.
وهو قول المالكية، والشافعية، والمشهور عند الحنابلة.
أدلتهم:
الدليل الأول: ما روى أن رسول الله – صلى الله عليه وسلم –كان عنده ودائـع فلما أراد الهجرة أودعهـا عند أم أيمن وأمر علياً أن يردها إلى أهلها.
الدليل الثاني: أنه متبرع بإمساكها فلا يلزمه استدامة ذلك.
الدليل الثالث: لئلا يتضرر بتأخير السفر.
القول الثاني: إنه يدفعها إلى الحاكم، فإن عدم الحاكم دفعها إلى أمين، وهو قول بعض الشافعية، وبعض الحنابلة.
أدلتهم:
الدليل الأول: أن أمانة الحاكم ظاهرة متفق عليها، فلا يعدل عنها كما لا يعدل عن النص إلى الاجتهاد.
الدليل الثاني: أن غير الحاكم لا ولاية له.
الدليل الثالث: أن الحاكم نائب الغائبين.
وتناقش:
بأن غير الحاكم قد يكون أحفظ لها وأحب إلى صاحبها.
ولأنه أودعها من الحاجة لثقة فأشبه إيداعها عند الحاكم.
ولأنه سبب لحفظها فكان موكلاً لاجتهاده كالحرز.
ولذا فالصحيح أنه لا يلزمه إيداعها عند حاكم.
القول الثالث: أن المودع ليس له إيداع الوديعة .
وهو قول الحنفية، وبعض الحنابلة.
ودليلهم:
أن السفر ليس بعذر.
ويناقش:
بعدم التسليم بأن السفر ليس عذراً، لأن السفر لا يخلو من المخاطر غالباً ، من التلف والسرقة والضياع ونحو ذلك.
الترجيح:
الراجح هو القول الأول ، وهو أنه له إيداع الوديعة عند أمين ، لقوة ما استدلوا به، ولما فيه من تحصيل مقصود الوديعة وهو الحفظ، كما أن فيه تيسيراً على الناس وإزالة الضرر عن الأمناء لئلا يؤدي المنع من ذلك إلى إعراض الأمناء عن قبولها.


مواضيع قد تفيدك: