ديناميكية المناخ الجزائري: تأثير منطقة الضغط الأزوري والرياح الجافة في خلق فصلين متناقضين (رطب ومعتدل، وجاف وحار) في إقليم البحر المتوسط

المناخ والتضاريس والهيدروغرافيا في الجزائر: تحليل شامل

تتمتع الجزائر بتنوع مناخي وجغرافي واسع يعكس امتدادها الهائل وتأثير العوامل الطبيعية عليها. يمكن تحليل مناخ الجزائر وخصائصها المائية بناءً على العوامل المؤثرة وتقسيم الأقاليم المناخية والمظهر الهيدروغرافي.


العوامل المؤثرة في مناخ الجزائر:

يتشكل مناخ الجزائر المعقد نتيجة للتفاعل بين عدة عوامل جغرافية وفلكية وديناميكية:

  • الموقع الفلكي: يمتد الموقع الفلكي للجزائر بين المنطقة المعتدلة شمالًا والمدارية جنوبًا، مما يضع الجزء الأكبر منها تحت تأثير المدار السرطاني، وهذا يفسر الارتفاع الشديد في درجات الحرارة والسيادة الصحراوية جنوبًا.
  • الموقع الجغرافي: يمثل موقعها على البحر الأبيض المتوسط مدخلًا للكتل الهوائية الرطبة والدافئة شتاءً، بينما يساهم امتدادها داخل القارة الإفريقية جنوبًا في زيادة الجفاف والحرارة.
  • منطقة الضغط الأزوري (Azores High): تتمركز هذه المنطقة عالية الضغط فوق المحيط الأطلسي صيفًا وتؤثر مباشرة على شمال إفريقيا. يؤدي سيطرتها إلى جفاف السماء واستقرار الجو، مما يمنع تكون السحب والأمطار خلال الفصل الحار.
  • هبوب الرياح الجافة (الشهيلي أو السيروكو): تتعرض الجزائر لهبوب رياح قارية حارة وجافة قادمة من الصحراء الكبرى (مثل رياح الشَّهيلي)، مما يرفع درجات الحرارة بشكل كبير ويزيد من الجفاف في المناطق الشمالية خاصة خلال فصلي الربيع والصيف.
  • امتداد التضاريس (سلاسل الأطلس): تعمل السلاسل الجبلية المتمثلة في الأطلس التلي والأطلس الصحراوي كحواجز طبيعية. فهي تمنع توغل تأثيرات البحر المتوسط الرطبة جنوبًا، وتخلق ظل المطر (Rain Shadow) على المناطق الداخلية والصحراوية، مما يزيد من جفافها.

الأقاليم المناخية الرئيسية:

تنقسم الجزائر إلى إقليمين مناخيين رئيسيين يحددهما مدى تأثير البحر المتوسط والتضاريس:

1. مناخ البحر المتوسط (Mediterranean Climate):

  • الامتداد: يمتد هذا الإقليم من السواحل الشمالية، مروراً بالسهول والهضاب العليا، حتى يصل إلى سلسلة جبال الأطلس الصحراوي.
  • الخصائص الفصلية: يتميز بفصلين متباينين:

  1. فصل معتدل ورطب: يمتد تقريباً من شهر أكتوبر إلى شهر مايو، يتميز بهطول الأمطار واعتدال درجات الحرارة.
  2. فصل حار وجاف: يغطي بقية أشهر السنة، ويتميز بالجفاف الشديد والارتفاع الكبير في درجات الحرارة.

  • مناطق فرعية:

  1. المنطقة الرطبة (الساحلية التلية): تتميز بغزارة الأمطار وهي الأقرب إلى تأثير البحر.
  2. المنطقة شبه الجافة (الداخلية حتى الجنوب): تتميز بانخفاض معدلات الأمطار وزيادة التباين الحراري اليومي والفصلي، وتقع بين الأطلس التلي والأطلس الصحراوي.

2. الإقليم الصحراوي (Desert Climate):

  • الامتداد: يشمل المساحة الشاسعة للصحراء الكبرى جنوب الأطلس الصحراوي.
  • الخصائص: يتميز بأنه حار وجاف جداً؛ حيث تسود درجات الحرارة المرتفعة مع ندرة أو انعدام شبه التام للتساقطات المطرية.

خصائص المناخ الحرارية والمطرية:

تتفاوت درجات الحرارة والتساقطات بشكل واضح بين الشمال والجنوب، وبين الشرق والغرب:

  • الحرارة:

  1. شتاءً: تنخفض درجات الحرارة وتكون معتدلة نسبيًا في المناطق الساحلية والشمالية.
  2. صيفًا: ترتفع الحرارة بشكل كبير، ويزداد هذا الارتفاع بشكل مطرد كلما اتجهنا جنوبًا نحو العمق الصحراوي، حيث تسجل أعلى درجات الحرارة عالميًا.
  • التساقط (الأمطار):
  1. توزيع جغرافي: تميل الأمطار إلى أن تكون أكثر غزارة في الشرق الجزائري مقارنة بالغرب، وذلك لتأثر الشرق بالمنخفضات الجوية القادمة من البحر المتوسط.
  2. التناقص: تتناقص كميات الأمطار بشكل حاد وملحوظ كلما اتجهنا جنوبًا، حتى تصبح شبه معدومة في الإقليم الصحراوي.

المظهر الهيدروغرافي والأودية:

يرتبط المظهر الهيدروغرافي للجزائر (توزيع شبكة المياه) ارتباطًا وثيقًا بخصائصها المناخية.

  • أهمية الأودية الشمالية: تتركز أهم الأودية في الجزء الشمالي من البلاد، وهي تلك التي تتميز بكونها تصب في البحر الأبيض المتوسط، وتلعب دورًا حيويًا في توفير الموارد المائية.
  • أهم الأودية: من أبرز هذه الأودية نجد: وادي الشلف (وهو الأطول في الجزائر)، وادي سيق، وادي الهبرة، ووادي السيبوس.
  • خصائص الأودية (التذبذب): تتميز معظم أودية الجزائر، باستثناء القليل، بظاهرة التذبذب الشديد وعدم الانتظام في منسوبها.
  1. شتاءً: تزداد تدفقًا وغزارة بسبب هطول الأمطار، وقد تتحول إلى فيضانات مدمرة.
  2. صيفًا: ينخفض منسوب الأودية بشكل كبير، وقد تجف كليًا، مما يعكس الجفاف الموسمي وندرة الأمطار في هذا الفصل.

إرسال تعليق

أحدث أقدم

نموذج الاتصال