الأعراق في ولاية مينيسوتا: فسيفساء ديموغرافية متنامية
تُعرف ولاية مينيسوتا، الواقعة في منطقة الغرب الأوسط العلوي للولايات المتحدة، بأنها "أرض العشرة آلاف بحيرة". وعلى الرغم من تاريخها الطويل الذي ارتبط بالهجرة الأوروبية، إلا أن الولاية تشهد حالياً تحولاً ديموغرافياً كبيراً يجعلها بوتقة تنصهر فيها الأعراق والخلفيات الثقافية المختلفة، خاصة في منطقة المدن التوأم (مينيا بوليس وسانت بول) التي تضم غالبية السكان.
البيض (غير اللاتينيين) والهيمنة التاريخية:
يمثل السكان البيض من غير أصل إسباني أو لاتيني المجموعة العرقية الأكبر في ولاية مينيسوتا بأغلبية واضحة، حيث يشكلون ما يقرب من ثلاثة أرباع مجموع السكان.
- الخلفية التاريخية: تعود الأغلبية البيضاء في مينيسوتا في المقام الأول إلى الموجات الكبيرة من المهاجرين الأوروبيين التي وصلت إلى الولاية في أواخر القرن التاسع عشر وأوائل القرن العشرين. وتتركز الجذور العرقية الرئيسية لهؤلاء السكان في دول شمال وغرب أوروبا، وأبرزها الأصول الألمانية والنرويجية والسويدية والأيرلندية.
- التركز: بالرغم من وجودهم في جميع أنحاء الولاية، تزداد نسبة البيض في المناطق الريفية والضواحي البعيدة خارج نطاق المدن التوأم، بينما تنخفض هذه النسبة تدريجياً في المراكز الحضرية الرئيسية التي تستقطب المهاجرين.
- التغير الديموغرافي: على الرغم من استمرار هيمنتهم، فإن نسبة السكان البيض من غير أصل لاتيني تشهد تراجعاً تدريجياً لصالح المجموعات العرقية الأخرى، مما يشير إلى تنوع متزايد في تركيبة الولاية.
الأمريكيون الأفارقة والمجتمعات المهاجرة:
يمثل الأمريكيون الأفارقة ثاني أكبر مجموعة عرقية في مينيسوتا. لكن هذه الفئة تتسم بتركيبة فريدة، حيث تنقسم تاريخياً وجغرافياً إلى مجموعتين رئيسيتين:
- المجتمع الأفرو-أمريكي التقليدي: وهم السكان الذين يعود وجودهم في الولاية إلى فترات سابقة من التاريخ الأمريكي.
- المهاجرون الجدد من القرن الأفريقي: شهدت مينيسوتا تدفقاً هائلاً للاجئين والمهاجرين من منطقة شرق أفريقيا، وتحديداً الصوماليون والإثيوبيون. وتُعرف الولاية بأنها تضم أكبر جالية صومالية في الولايات المتحدة على الإطلاق. وقد تركزت هذه الجاليات بشكل كبير في منطقة المدن التوأم، لتشكل مجتمعات حيوية ذات تأثير ثقافي واقتصادي متزايد.
الآسيويون: قوة دافعة للتنوع
تُعد الجالية الآسيوية أيضاً مكوناً هاماً ومتزايداً في مينيسوتا، وتتميز بتنوعها العرقي واللغوي.
- جالية الهمونغ (Hmong): تُعرف مينيسوتا بوجود ثاني أكبر جالية هِمونغ في الولايات المتحدة، وهي مجموعة عرقية تعود أصولها إلى جنوب شرق آسيا (خاصة لاوس وفيتنام). لقد استقروا في المنطقة كلاجئين بعد حرب فيتنام، وأصبحوا جزءاً لا يتجزأ من النسيج الاجتماعي والثقافي للولاية، وخاصة في سانت بول.
- مجموعات آسيوية أخرى: تضم الجالية الآسيوية أيضاً أعداداً كبيرة من المهاجرين والعمال المهرة القادمين من الهند وكوريا ودول أخرى في جنوب شرق آسيا، مما يعزز التنوع الاقتصادي والثقافي.
السكان الأصليون (الهنود الحمر):
على الرغم من أن السكان الأصليين يشكلون نسبة صغيرة من إجمالي سكان الولاية، إلا أنهم يمثلون أقدم وأهم الأصول التاريخية لمينيسوتا.
- القبائل الرئيسية: تنتمي القبائل الرئيسية في مينيسوتا إلى مجموعتي الداكوتا (Dakota) والأوجيبوا (Ojibwe).
- الوضع الجغرافي: يعيش جزء كبير من السكان الأصليين في مينيسوتا ضمن المحميات المعترف بها في الولاية، بينما يتواجد عدد كبير منهم أيضاً في المدن، لا سيما في الأحياء المخصصة لهم داخل مينيا بوليس وسانت بول.
اللاتينيون (من أصل إسباني):
تُعد الجالية اللاتينية من أسرع المجموعات نمواً في مينيسوتا، ويشكلون نسبة متزايدة من مجموع السكان.
- الأصول: تأتي الغالبية العظمى من هذه الجالية من أصول مكسيكية، بالإضافة إلى مجموعات من أمريكا الوسطى والجنوبية.
- التوزيع: يتركز السكان اللاتينيون في منطقة المدن التوأم، لكنهم يتواجدون أيضاً في العديد من المراكز الريفية والمدن الصغيرة حيث يعملون في الصناعات الزراعية والصناعات الغذائية.
التنوع المتزايد والأعراق المتعددة:
شهدت الأعوام الأخيرة نمواً غير مسبوق في أعداد السكان الذين يختارون تعريف أنفسهم كأفراد من عرقين أو أكثر، مما يعكس زيادة التزاوج بين الأعراق وتداخلاً أكبر في الهويات الثقافية. بشكل عام، يتجه المشهد الديموغرافي في مينيسوتا نحو أن يصبح أكثر تنوعاً بمرور الوقت، حيث تنمو جميع المجموعات العرقية تقريباً بمعدلات أسرع من نمو السكان البيض.