القائد الجيلالي بن هدي بن الضو:
مسيرته العسكرية ودوره في حركات المخزن
يُعتبر الجيلالي بن هدي أحد أبرز القادة العسكريين الذين اعتمد عليهم السلطان مولاي الحسن الأول في ترسيخ سلطة المخزن وتثبيت الأمن في المناطق المضطربة. وقد تجلّى دوره بشكل خاص في:
- حركة تادلا (1883): رافق الجيلالي بن هدي السلطان في هذه الحركة العسكرية المهمة التي كان هدفها بسط النفوذ المخزني على منطقة تادلا. مشاركته بفرسان قبيلته، قبيلة أحمر، أكدت على ولائه للمخزن وقوته في حشد الرجال، وهو ما جعل منه قائداً موثوقاً لدى السلطان.
- حركات سوس وتافيلالت: لم تقتصر مشاركته على حركة تادلا، بل امتدت لتشمل حركات عسكرية أخرى في مناطق مختلفة من المغرب، كحركتي سوس وتافيلالت. هذه المشاركات المتعددة تؤكد على دوره المحوري في الحملات العسكرية الهادفة إلى إخضاع القبائل المتمردة وتأمين الطرق التجارية، وهي مهام كانت في صلب استراتيجية السلطان مولاي الحسن الأول.
نفوذه السياسي وصراعاته مع الزوايا:
لم يكن تأثير الجيلالي بن هدي مقتصراً على الجانب العسكري، بل امتد إلى النفوذ السياسي الذي وضعه في صراع مع القوى التقليدية الأخرى في البلاد، خاصة الزوايا. يُبرز هذا الصراع حادثة مهمة وردت في رسالة بعث بها الحسين بن هاشم السملالي، أمير تازروالت، إلى السلطان مولاي الحسن عام 1885.
- قضية "الزيارات": اشتكى أمير تازروالت من أن القائد الجيلالي بن هدي منع رجاله من جمع "الزيارات" (الهدايا أو الأموال) التي كانت قبيلة أحمر تقدمها سنوياً لبيت آل سيدي أحمد أوموسى، وهي عادة قديمة كانت قائمة بين الطرفين.
- دلالة الحادثة: يُعتبر هذا المنع مؤشراً على رغبة الجيلالي بن هدي في تقوية نفوذ المخزن على حساب نفوذ الزوايا والمرابطين. فقد كان هؤلاء يتمتعون بسلطة روحية واقتصادية كبيرة على القبائل، وهو ما كان يشكل تحدياً لسلطة المخزن المركزية. من خلال منع "الزيارات"، حاول الجيلالي بن هدي توجيه ولاء قبيلته بالكامل نحو السلطة الحاكمة، وتقليص تبعيتها للجهات الدينية.
- العلاقة التاريخية: تبرز هذه الحادثة أيضاً العلاقة العميقة بين قبيلتي أحمر الحوزية وتازر والت في سوس، والتي تعود إلى تاريخ استيطانهم في منطقة هوارة. كانت هذه الروابط التاريخية والولاءات الدينية تشكل شبكة معقدة من العلاقات، حاول القائد الجيلالي بن هدي التحكم فيها لخدمة مصالح الدولة.
تأثيره على تاريخ قبيلة أحمر:
يُعد الجيلالي بن هدي شخصية مركزية في تاريخ قبيلة أحمر. ففي عهده، تبلورت العلاقة بين القبيلة والمخزن، حيث أصبحت جزءاً لا يتجزأ من الجهاز العسكري للدولة. هذا الارتباط القوي مكّن القبيلة من لعب دور مهم في الأحداث السياسية والعسكرية، وأكسبها مكانة خاصة ضمن التركيبة القبلية المغربية.
باختصار، يمثل القائد الجيلالي بن هدي بن الضو نموذجاً للقائد القبلي الذي استطاع أن يجمع بين الولاء للمخزن، والنفوذ على قبيلته، والقدرة على مواجهة القوى التقليدية الأخرى، مما جعله شخصية محورية في مرحلة دقيقة من تاريخ المغرب.