الآثار الاقتصادية لانضمام المملكة العربية السعودية لمنظمة التجارة العالمية
الدكتور/ أحمد بن حبيب صلاح
في ظل المتغيرات الكبيرة التي شهدها العالم مؤخراً على المستوى الاقتصادي والسياسي خاصة بعد تفكك الاتحاد السوفيتي وفشل النظرية الاقتصادية الاشتراكية يلاحظ توجه كثير من دول العالم إلى تطبيق مبادئ الاقتصاد الحر وتحرير التجارة الخارجية وما ترتب على ذلك من إنشاء لمنظمة التجارة العالمية.
إلا أن كثيراً من الدول النامية مترددة في الانضمام لهذه المنظمة الجديدة، وذلك بسبب الخوف من أثر تحرير التجارة على اقتصادها القومي، فكثير من هذه الدول تخشى من أن الانضمام إلى هذه المنظمة سيؤدي إلى انهيار صناعتها الوليدة، وكذلك فإن تحرير التجارة قد يؤدي إلى انخفاض إيرادات التعرفة الجمركية لهذه الدول، بالإضافة لما يمكن أن تحدثه عضوية هذه المنظمة من خلل في موازين مدفوعات هذه الدول. إن تطبيق مبادئ منظمة التجارة العالمية تحيطه أيضاً كثير من التخوفات والشكوك خاصة وأن إنشاء هذه المنظمة يأتي في وقت يشهد فيه العالم قيام التجمعات والتكتلات الاقتصادية بين الدول الكبرى مثل مجموعة الوحدة الأوروبية والنافتا، مما سيؤدي إلى التمييز بين الدول في المعاملات التجارية وتزايد تطبيق مبدأ الدولة الأولى بالرعاية، مما سينعكس سلباً على الدول النامية خارج هذه التكتلات.
وفي ظل الجدل القائم حول ضرورة انضمام المملكة من عدمه في أوساط كثير من الاقتصاديين، تأتي هذه الدراسة لتلقي الضوء على أهم الآثار الاقتصادية المترتبة على انضمام المملكة لمنظمة التجارة العالمية، وعليه فقد تم إجراء مقارنة بين أربع سيناريوهات مختلفة وهي:
1- السيناريو المرجعي.
2- سيناريو الانضمام للمنظمة (WTO-1).
3- سيناريو عدم الانضمام (No-TWO).
4- سيناريو تفعيل الانضمام (WTO-2).
وقد تم استخدام نموذج التوازن الشامل (CGE) لدراسة الآثار الاقتصادية الكلية والقطاعية لكل سيناريو، وأظهرت النتائج أن الآثار الاقتصادية الناتجة عن انضمام المملكة خلال السنوات الثلاث الأولى وفقاً للعروض التي قدمها الفريق التفاوضي السعودي والتي تشتمل على عروض السلع الزراعية، والسلع الصناعية، والعرض الخاص لاتفاقية تحرير الخدمات المالية ستكون محصلتها النهائية سالبة على المستوى الكلي للاقتصاد السعودي، حيث ستنخفض معدلات نمو الناتج المحلي الإجمالي، وكذلك معدلات نمو العمالة وحجم الاستهلاك، وسترتفع معدلات التضخم. بينما على المستوى القطاعي، فإن هناك بعض القطاعات سيكون اثر الانضمام لها موجباً، مثل قطاع البتروكيماويات وبعض الصناعات التحويلية، بينما أغلب القطاعات الأخرى سيكون أثر الانضمام عليها سالباً حيث ستنخفض معدلات نموها وبالتالي فرص العمل بها خاصة القطاع الزراعي الذي سيتأثر سلباً وبشكل كبير سواء على مستوى الإنتاج أو الأسعار.
ولذا فهل الحل يكمن في عدم الانضمام؟
أظهرت نتائج سيناريو عدم الانضمام نتائج سلبية على المستوى الكلي تفوق النتائج السلبية المترتبة على عدم الانضمام، حيث سينخفض معدل نمو الناتج المحلي الإجمالي وستنخفض معدلات الاستثمار وخاصة الاستثمار الأجنبي، وكذلك معدلات العمالة، وستواجه الصادرات السعودية غير البترولية سياسات حمائية من جانب الدول الأعضاء بالمنظمة مما سيترتب عليه انخفاض الصادرات وبالتالي انخفاض فائض الحساب الجاري.
إن هذه النتائج تشير إلى أهمية انضمام المملكة لمنظمة التجارة العالمية، ولكن الانضمام للمنظمة يتطلب الاستعداد لذلك، مما يستوجب وضع برنامج للانضمام يهدف إلى تقليص الآثار السلبية للانضمام وتعظيم الآثار الإيجابية التي يمكن أن تنجم عن الانضمام، ووجد أن:
1- زيادة إنتاجية الاقتصاد السعودي من خلال تحسين إنتاجية العمالة السعودية وزيادة تدريبها يساعد في جاهزية الاقتصاد السعودي لمواجهة المنافسة العالمية.
2- زيادة حجم الصادرات السعودية غير النفطية وذلك من خلال دعم مركز الصادرات أو إنشاء هيئة لتنمية وضمان الصادرات السعودية.
3- التركيز على الصناعات ذات الميزة النسبية والتي يتمتع بها الاقتصاد السعودي.
4- الاستفادة من الامتيازات والاستثناءات للتكتلات الاقتصادية وذلك بالتسريع بإنشاء السوق الخليجية المشتركة واتفاقيات منطقة التجارة العربية الحرة.
5- تحفيز الصناعات المتماثلة بالمملكة من الدخول في تكتلات للصمود أمام المنافسة الخارجية.
6- دعم المنشآت الصغيرة والمتوسطة من خلال توفير التدريب والتمويل اللازم.
7- وضع برنامج للإصلاحات التنظيمية والإدارية والاقتصادية والتشريعية اللازمة لزيادة جاهزية الاقتصاد السعودي للانضمام لمنظمة التجارة العالمية.
وقد أظهرت نتائج سيناريو تفعيل الانضمام (WTO-2) أن رفع كفاءة العمالة السعودية بالقطاع العام والخاص، وسياسات جذب الاستثمارات الأجنبية والوطنية وتوجيهها نحو القطاعات التي يتمتع بها الاقتصاد السعودي بميزات نسبية ستؤدي إلى تقليص الآثار السلبية على الاقتصاد السعودي نتيجة الانضمام، والاستفادة من أنظمة واتفاقيات منظمة التجارة العالمية وتحويلها لمصلحة الاقتصاد السعودي. وقد أظهرت نتائج سيناريو تفعيل الانضمام (WTO-2) تحسناً ملموساً في كافة المؤشرات الاقتصادية، مما ترتب معه زيادة معدلات نمو الناتج المحلي الإجمالي والقطاعي.
الدكتور/ أحمد بن حبيب صلاح
في ظل المتغيرات الكبيرة التي شهدها العالم مؤخراً على المستوى الاقتصادي والسياسي خاصة بعد تفكك الاتحاد السوفيتي وفشل النظرية الاقتصادية الاشتراكية يلاحظ توجه كثير من دول العالم إلى تطبيق مبادئ الاقتصاد الحر وتحرير التجارة الخارجية وما ترتب على ذلك من إنشاء لمنظمة التجارة العالمية.
إلا أن كثيراً من الدول النامية مترددة في الانضمام لهذه المنظمة الجديدة، وذلك بسبب الخوف من أثر تحرير التجارة على اقتصادها القومي، فكثير من هذه الدول تخشى من أن الانضمام إلى هذه المنظمة سيؤدي إلى انهيار صناعتها الوليدة، وكذلك فإن تحرير التجارة قد يؤدي إلى انخفاض إيرادات التعرفة الجمركية لهذه الدول، بالإضافة لما يمكن أن تحدثه عضوية هذه المنظمة من خلل في موازين مدفوعات هذه الدول. إن تطبيق مبادئ منظمة التجارة العالمية تحيطه أيضاً كثير من التخوفات والشكوك خاصة وأن إنشاء هذه المنظمة يأتي في وقت يشهد فيه العالم قيام التجمعات والتكتلات الاقتصادية بين الدول الكبرى مثل مجموعة الوحدة الأوروبية والنافتا، مما سيؤدي إلى التمييز بين الدول في المعاملات التجارية وتزايد تطبيق مبدأ الدولة الأولى بالرعاية، مما سينعكس سلباً على الدول النامية خارج هذه التكتلات.
وفي ظل الجدل القائم حول ضرورة انضمام المملكة من عدمه في أوساط كثير من الاقتصاديين، تأتي هذه الدراسة لتلقي الضوء على أهم الآثار الاقتصادية المترتبة على انضمام المملكة لمنظمة التجارة العالمية، وعليه فقد تم إجراء مقارنة بين أربع سيناريوهات مختلفة وهي:
1- السيناريو المرجعي.
2- سيناريو الانضمام للمنظمة (WTO-1).
3- سيناريو عدم الانضمام (No-TWO).
4- سيناريو تفعيل الانضمام (WTO-2).
وقد تم استخدام نموذج التوازن الشامل (CGE) لدراسة الآثار الاقتصادية الكلية والقطاعية لكل سيناريو، وأظهرت النتائج أن الآثار الاقتصادية الناتجة عن انضمام المملكة خلال السنوات الثلاث الأولى وفقاً للعروض التي قدمها الفريق التفاوضي السعودي والتي تشتمل على عروض السلع الزراعية، والسلع الصناعية، والعرض الخاص لاتفاقية تحرير الخدمات المالية ستكون محصلتها النهائية سالبة على المستوى الكلي للاقتصاد السعودي، حيث ستنخفض معدلات نمو الناتج المحلي الإجمالي، وكذلك معدلات نمو العمالة وحجم الاستهلاك، وسترتفع معدلات التضخم. بينما على المستوى القطاعي، فإن هناك بعض القطاعات سيكون اثر الانضمام لها موجباً، مثل قطاع البتروكيماويات وبعض الصناعات التحويلية، بينما أغلب القطاعات الأخرى سيكون أثر الانضمام عليها سالباً حيث ستنخفض معدلات نموها وبالتالي فرص العمل بها خاصة القطاع الزراعي الذي سيتأثر سلباً وبشكل كبير سواء على مستوى الإنتاج أو الأسعار.
ولذا فهل الحل يكمن في عدم الانضمام؟
أظهرت نتائج سيناريو عدم الانضمام نتائج سلبية على المستوى الكلي تفوق النتائج السلبية المترتبة على عدم الانضمام، حيث سينخفض معدل نمو الناتج المحلي الإجمالي وستنخفض معدلات الاستثمار وخاصة الاستثمار الأجنبي، وكذلك معدلات العمالة، وستواجه الصادرات السعودية غير البترولية سياسات حمائية من جانب الدول الأعضاء بالمنظمة مما سيترتب عليه انخفاض الصادرات وبالتالي انخفاض فائض الحساب الجاري.
إن هذه النتائج تشير إلى أهمية انضمام المملكة لمنظمة التجارة العالمية، ولكن الانضمام للمنظمة يتطلب الاستعداد لذلك، مما يستوجب وضع برنامج للانضمام يهدف إلى تقليص الآثار السلبية للانضمام وتعظيم الآثار الإيجابية التي يمكن أن تنجم عن الانضمام، ووجد أن:
1- زيادة إنتاجية الاقتصاد السعودي من خلال تحسين إنتاجية العمالة السعودية وزيادة تدريبها يساعد في جاهزية الاقتصاد السعودي لمواجهة المنافسة العالمية.
2- زيادة حجم الصادرات السعودية غير النفطية وذلك من خلال دعم مركز الصادرات أو إنشاء هيئة لتنمية وضمان الصادرات السعودية.
3- التركيز على الصناعات ذات الميزة النسبية والتي يتمتع بها الاقتصاد السعودي.
4- الاستفادة من الامتيازات والاستثناءات للتكتلات الاقتصادية وذلك بالتسريع بإنشاء السوق الخليجية المشتركة واتفاقيات منطقة التجارة العربية الحرة.
5- تحفيز الصناعات المتماثلة بالمملكة من الدخول في تكتلات للصمود أمام المنافسة الخارجية.
6- دعم المنشآت الصغيرة والمتوسطة من خلال توفير التدريب والتمويل اللازم.
7- وضع برنامج للإصلاحات التنظيمية والإدارية والاقتصادية والتشريعية اللازمة لزيادة جاهزية الاقتصاد السعودي للانضمام لمنظمة التجارة العالمية.
وقد أظهرت نتائج سيناريو تفعيل الانضمام (WTO-2) أن رفع كفاءة العمالة السعودية بالقطاع العام والخاص، وسياسات جذب الاستثمارات الأجنبية والوطنية وتوجيهها نحو القطاعات التي يتمتع بها الاقتصاد السعودي بميزات نسبية ستؤدي إلى تقليص الآثار السلبية على الاقتصاد السعودي نتيجة الانضمام، والاستفادة من أنظمة واتفاقيات منظمة التجارة العالمية وتحويلها لمصلحة الاقتصاد السعودي. وقد أظهرت نتائج سيناريو تفعيل الانضمام (WTO-2) تحسناً ملموساً في كافة المؤشرات الاقتصادية، مما ترتب معه زيادة معدلات نمو الناتج المحلي الإجمالي والقطاعي.
التسميات
اقتصاد سعودي