قبيلة أحمر في مطلع القرن العشرين: تفكيك لنفوذ القائد عيسى بن عمر العبدي وتقسيمه القيادي، والمشاركة العسكرية في حوز مراكش وسوس، والتحولات الإدارية واكتشافات الفوسفاط (1913م-1919م)

توسع نفوذ القائد عيسى بن عمر العبدي وتأثيره على قبيلة أحمر:

استطاع القائد عيسى بن عمر العبدي، القائد النافذ لمنطقة عبدة في المغرب، أن يمدد سيطرته ونفوذه السياسي والعسكري ليشمل أراضي قبيلة أحمر. لم يأتِ هذا التوسع بشكل مباشر، بل بدأ بتقديم الدعم والمساعدة لبعض العناصر الموالية له داخل هذه القبيلة.


استبدال الموالين وتعيين الأبناء:

بعد أن حقق القائد عيسى العبدي مراده وثبّت أقدامه في أراضي أحمر بمساعدة الموالين، سرعان ما قام بإبعادهم وتعيين أبنائه بشكل مباشر كقادة على فروع القبيلة لضمان الولاء المطلق والسيطرة الكاملة. وقد تم تقسيم قيادة قبيلة أحمر بين أبنائه الثلاثة على النحو التالي:

  1. القائد بوبكر بن عيسى العبدي: تولى قيادة فرع الزرات الجنوبيين.
  2. القائد المختار بن عيسى العبدي: تولى قيادة فرع الزرات الشماليين.
  3. القائد عبدالوهاب بن عيسى العبدي: وُليّ على فرع أولاد عيسى.

هذا التقسيم يعكس استراتيجية محكمة لدمج القبيلة ضمن شبكة نفوذ آل العبدي، حيث أصبح أبناء القائد هم السلطة الفعلية المباشرة على أجزائها الرئيسية.


مشاركة قبيلة أحمر في الأحداث الوطنية:

على الرغم من وقوع قبيلة أحمر تحت نفوذ القائد عيسى العبدي، إلا أنها كانت جزءًا فاعلاً في الأحداث الكبرى التي شهدها المغرب في تلك الفترة، مما يدل على قوتها القتالية وتأثيرها:

  • المشاركة في حركة الهيبة: انخرط أهل قبيلة أحمر في حركة الهيبة التي ظهرت في منطقة حوز مراكش لمقاومة النفوذ الأجنبي. وقد شاركت القبيلة بقوة لا يُستهان بها بلغت 400 فارس، مما يؤكد على مساهمتها الكبيرة في الحركات الجهادية التي كانت تهدف للحفاظ على سيادة البلاد.
  • الموقف من القوات الفرنسية: عند مرور عساكر الكولونيل الفرنسي بيليتيي عبر أراضي قبيلة أحمر، لم يُسجل وقوع أي حوادث أو صدامات ضد المستعمر الفرنسي. يمكن تفسير هذا الموقف بالحياد المؤقت أو تفضيل عدم المواجهة المباشرة في تلك اللحظة، ربما بتوجيهات من القادة المحليين في سياق سياسي معقد.
  • حملة أكادير: شارك أهل أحمر أيضًا في الحملة العسكرية التي قادها القائد الكيلولي والقائد أنفلوس باتجاه مدينة أكادير في منطقة سوس، مما يسلط الضوء على تمدد دائرة تحركاتهم العسكرية خارج نطاق أراضيهم.


التغييرات القيادية بعد عزل القائد عيسى بن عمر:

في عام 1913م، تم عزل القائد عيسى بن عمر العبدي عن منصبه، وهو ما أحدث تغييرًا جذريًا في الهيكلة القيادية للمناطق التي كان يسيطر عليها، بما في ذلك قبائل الرحامنة. وقد تولى القيادة بعده ثلاثة قواد رئيسيين على النحو التالي:

  • القائد عبدالرحمن بن محمد بن السليماني: أصبح مسؤولاً عن فرع الزرات.
  • القائد خليفة بن عتي: تولى قيادة فرع الزرارات، لكن فترة قيادته لم تدم طويلاً، حيث عُزل في سنة 1915م.

  1. خلفه في القيادة القائد أحمد بن علال بن ابّا.
  2. ثم خلفه بعد ذلك شيخ أولاد بوعزيز وهو أحمد بن التهامي، واستمرت قيادته حتى سنة 1938م.
  • القائد إبراهيم ولد الحمري: عُيّن قائداً على فرع أولاد يوسف.

التحول الإداري واكتشافات المنطقة:

شهدت منطقة قبيلة أحمر تحولاً إدارياً هاماً ابتداءً من سنة 1914م، حيث أصبحت تابعة لناحية مراكش بعد أن كانت سابقاً تحت النفوذ الإداري لمدينة آسفي.

وفي الجانب الإداري والتنموي، شهدت المنطقة حدثين مهمين في نهاية العقد الأول من القرن العشرين:

  • تأسيس مكتب الاستعلامات: في أواخر سنة 1919م، تم إنشاء مكتب الاستعلامات، والذي شكّل لاحقاً النواة الأولى لنشوء وتطور مدينة الشماعية الحالية.
  • اكتشاف الفوسفاط: في نفس السنة (1919م)، تم تحقيق اكتشاف اقتصادي ضخم متمثل في العثور على مادة الفوسفاط في منطقة اليوسفية (التي كانت تسمى آنذاك "لويس جنتيل")، وهو الاكتشاف الذي سيكون له تأثير عميق على الاقتصاد الوطني للمغرب.

إرسال تعليق

أحدث أقدم

نموذج الاتصال