الهيكل القبلي والتوزيع الجغرافي لآيت أوسا:
تُجسد قبيلة آيت أوسا نموذجًا للتنظيم القبلي التقليدي الذي يرتكز على التوزيع الجغرافي والمصالح المشتركة، حيث يتحدد نسيجها البشري بالانقسام إلى كتلتين رئيسيتين كبيرتين، تمثلان جناحَي القبيلة وامتدادها على الأرض.
أولاً: إداونكيت (آيت أوسا الشرق) - حراس البادية
تُعرف مجموعة إداونكيت بلقب آيت أوسا الشرك (الشرق)، وهي تسمية ذات دلالة جغرافية مباشرة، تشير إلى تمركزهم في القطاع الشرقي من الحوز الترابي للقبيلة. هذا الموقع قد منحهم دورًا تاريخيًا في التفاعل مع البوادي المجاورة أو إدارة مسالك القوافل الشرقية، مما يفرض عليهم غالبًا نمط حياة يرتبط بالرعي الواسع والموارد القليلة.
التركيبة الداخلية وتفصيل الأفخاذ الخمسة:
تتشكل إداونكيت من خمسة أفخاذ رئيسية، تُعد الركائز الأساسية التي تُكون هويتها ومجالها:
- أكوارير: يُعتبر هذا الفخذ من العناصر الأساسية التي تُساهم في قوة الكتلة الشرقية وتماسكها، وقد يكون له تأثير في المناطق الداخلية أو الحدودية الشرقية.
- حمو علي: فخذ له امتداده وأهميته، ويُسهم في التنوع الداخلي لنسيج إداونكيت.
- اجواكين: إحدى المجموعات المكونة التي تُشارك في الدفاع عن موارد المنطقة الشرقية واستغلالها.
- امسعيد اوسعيد: هذا الاسم المركب قد يدل على تفرع قديم من شخصية أو موقع يحمل اسم سعيد، وقد تكون أفخاذه الداخلية (أعراشه) منتشرة في بؤر استقرار محددة.
- أهل بوجمعة ومسعود: يُشير الاقتران بين بوجمعة ومسعود إلى وحدة إدارية أو تحالف بين مجموعتين فرعيتين، ويُحتمل أنهم يُشكلون الجناح الأكثر قربًا من الحدود الشرقية للقبيلة.
- كل فخذ من هذه الأفخاذ الخمسة يتفرع بدوره إلى أعراش (وحدات قرابية وجغرافية أصغر)، تُشكل البنية العميقة للتنظيم الاجتماعي والوحدة القاعدية للقبيلة في الشرق.
ثانيًا: إداومليل (آيت أوسا الساحل) - أهل الغرب والموارد
تُعرف مجموعة إداومليل بلقب آيت أوسا الساحل، وتستقر بالجهة الغربية من التراب القبلي. على الرغم من أن التسمية تشير إلى "الساحل"، قد تكون دلالتها أوسع لتشمل الأراضي الغربية أو القريبة من المناطق المنخفضة أو طرق التجارة المتجهة نحو الغرب، مما قد يمنحها ميزة في الوصول إلى موارد مختلفة أو المشاركة في التبادل التجاري.
التركيبة الداخلية وتفصيل الأفخاذ الستة:
تتميز إداومليل بأنها تضم ستة أفخاذ رئيسية، مما يجعلها الكتلة الأكبر عدداً من حيث الفروع الرئيسية:
- آيت إيدر: يُعد فخذ آيت إيدر من الأفخاذ ذات الثقل ضمن التركيبة الغربية، وغالباً ما يُشار إليه كأحد العناصر التاريخية المهمة.
- انفاليس: فخذ له وزنه في إدارة شؤون المنطقة الغربية، وقد يكون له تخصص في نوع معين من الأنشطة الاقتصادية أو الاجتماعية.
- امغلاي: مجموعة تُساهم في تنوع النسيج البشري لإداومليل، وتستقر في جزء من المنطقة الغربية.
- إداوتيا: فخذ له حضوره، ويُسهم في تشكيل القوة الاجتماعية والسياسية للغرب.
- آيت بوجمعة: وجود فخذ يحمل اسم "آيت بوجمعة" في كلتا الكتلتين (الشرق والغرب) يُعتبر نقطة مثيرة للاهتمام. قد يشير هذا إلى أصل واحد انقسم تاريخياً وتباعد جغرافياً، أو تحالفات قوية جعلت هذا الاسم يتكرر في مواقع مختلفة.
- آيت وعبان: الفخذ السادس، الذي يُكمل التركيبة الرئيسية لإداومليل ويُشكل جناحاً مهماً في المنطقة الغربية.
التكامل والتفرع الهيكلي:
يُظهر هذا التقسيم الثنائي مدى اتساع تراب قبيلة آيت أوسا وتنوع مصادر قوتها. تمثل المجموعتان (إداونكيت وإداومليل) الإطارين الرئيسيين اللذين تتشابك داخلهما جميع الروابط الاجتماعية.
إن التفرع من هاتين الكتلتين إلى أفخاذ رئيسية (5 في الشرق و 6 في الغرب)، ثم التفرع اللاحق من هذه الأفخاذ إلى أعراش، يُعتبر نظاماً طبقياً فعّالاً لإدارة شؤون القبيلة. فالأعراش هي الوحدات الأصغر، والتي تُنظم عادةً حول القرابة المباشرة أو الاستقرار في محلة (دوار) معينة، وتتمتع بحقوق وواجبات محددة ضمن إطار الفخذ الأكبر، الذي بدوره يتبع إحدى الكتلتين الكبيرتين.
هذا التنظيم الهرمي يضمن التضامن الداخلي، ويُسهل عملية اتخاذ القرارات والتحشيد (اجتماعيًا أو عسكريًا) وحماية موارد القبيلة من خلال توزيع المسؤوليات على مختلف المستويات الجغرافية والبشرية.