متطلبات الارتقاء بمؤسسات التعليم العالي لتنمية الموارد البشرية في السعودية.. استخدام أنماط مساندة للتعليم العالي مثل التعليم المفتوح والتعليم عن بعد



متطلبات الارتقاء بمؤسسات التعليم العالي لتنمية الموارد البشرية في المملكة العربية السعودية: منظور مستقبلي
دكتور/ محمد بن عبدالله المنيع - مستشار الجامعة العربية المفتوحة
تناقش هذه الورقة متطلبات الارتقاء بمؤسسات التعليم العالي لتنمية الموارد البشرية في المملكة العربية السعودية في الوقت الراهن بهدف تحديد العوامل التي تساعد في تطوير أدائه في المستقبل لتحقيق التنمية في عالم التقنية وعصر المعلومات، وتشير إلى نواحي القصور في بعض مدخلات وعمليات ومخرجات التعليم العالي  لمعالجتها ومواطن القوة لتشجيعها وتطويرها من خلال تطوير كفاءة النظام التعليمي  الداخلية والخارجية  للمساهمة بدور أكبر في التنمية المستقبلية للمجتمع.
وقد حددت الورقة عدداً من التحديات أمام العملية التعليمية، منها أن التعليم العالي للبنين والبنات سوف يواجه أزمة كبيرة بسبب جمود الخطط الأكاديمية لفترة طويلة دون تطوير ولعدم وضوح الرؤى المستقبلية في توفير فرص وظيفية تتلاءم مع طبيعة المرأة ووضعها في المملكة لكي تقوم بدور أكبر في المساهمة في التنمية ضمن إطار العادات والتقاليد الإسلامية التي تكفل المساهمة في تنمية المجتمع بدون الاختلاط، إضافة إلى قصور الأنظمة المالية والإدارية في تحقيق التمويل الكافي للتعليم، فالأنظمة المالية قديمة ولا تتلاءم مع تمويل التعليم في العصر الحديث  ويتمثل القصور في طريقة تمويل المشاريع التطويرية والأبحاث العلمية والتوسع في الندوات والمؤتمرات العلمية.كما أن الإدارة العامة لشؤون هيئة التدريس والموظفين في مؤسسات التعليم العالي تفتقر إلى مسايرة التطورات الأكاديمية وإلى استخدام التقنيات الحديثة في الإدارة ومعالجة المعاملات الإدارية والمالية آليا، مع وجود نقص في المهارات الإدارية وطرق التعامل مع أعضاء هيئة التدريس، مما يجعل الإدارة في معزل عن تقديم الخدمات المساندة  للمجتمع الأكاديمي. كما أن طرق التدريس تفتقر إلى استخدام وسائل التدريس الحديثة لتوضيح الدرس وإيجاد الجو المناسب لتحقيق التفاعل بين الطلبة أنفسهم والتفاعل مع الحاضر، ويتضح ذلك من خلو معظم القاعات الدراسية من الأجهزة والوسائل التعليمية، وإن وجدت فإن معظمها وسائل قديمة، مع افتقار مؤسسات التعليم العالي إلى التطبيقات العملية  في المواد الدراسية. من ناحية أخرى يوجد نقص واضح في التطوير المهني لبعض أعضاء هيئة التدريس وخصوصا أولئك الذين ينتمون إلى الكليات غير التربوية، حيث ينقصهم طرق تصميم المواد الدراسية وتقويمها وتطويرها وكيفية توصيل المعلومات للطلبة بما يثير الانتباه والتفاعل وتشجيع الإبداع والابتكار. هذا إضافة إلى الخلل في التوازن بين التعليم الأكاديمي والتعليم التقني حيث يوجد فرق شاسع بين عدد خريجي الجامعات وعدد خريجي الكليات الفنية وكذلك خريجي التعليم الفني الثانوي، فخريجو التعليم الثانوي الفني لا يمثلون إلا 5.24 % من مجموع خريجي المرحلة الثانوية، كما أن خريجي التعليم العالي الفني لا يمثلون إلا 7.34 % من خريجي الجامعات المحلية. وهذه النسب قليلة جدا وتضع المخططين للتعليم أمام تحدي كبير لوضع استراتيجية للتوازن بين التعليم التقني والتعليم الأكاديمي.
بعد ذلك طرحت الورقة رؤيتها المستقبلية للارتقاء بمؤسسات التعليم العالي في عدد من النقاط وعلى النحو التالي:
1- لكي تواكب مؤسسات التعليم العالي في المملكة العربية السعودية التطورات التقنية وتلبية الطلب الاجتماعي المتزايد على التعليم العالي، فعليها استخدام أنماط مساندة للتعليم العالي مثل التعليم المفتوح والتعليم عن بعد والذي يعتبر تطور طبيعي لنظام الانتساب  في مؤسسات التعليم العالي،ولقد لجأت كثير من الدول المتقدمة والنامية إلى التوسع في التعليم المفتوح والتعليم عن بعد لتخفيف الضغط على التعليم العالي وتقليل تكلفة التعليم  والتغلب على نقص الهيئة التدريسية وإعادة تأهيل الخريجين لأعداد كبيرة مع إتاحة فرص مواصلة التعليم للجميع.
2- وضع معايير تأخذ في الاعتبار وضع الطالب المناسب في التخصص والبرامج التي تتلاءم مع احتياجاته وقدراته، ومن أحد هذه المعايير إيجاد اختبار قبول على جميع الطلبة المتقدمين لمؤسسات التعليم العالي وتصنيفهم حسب مستويات طبقا لنتائج الاختبار فمنهم من يتم قبوله مباشرة في الكلية التي يرغبها، ومنهم من يتم قبوله في برامج كليات متوسطة ( أو كليات مجتمع ) تابعة لمؤسسات التعليم العالي، ويواصل التعليم الجامعي طبقا لمستواه الدراسي، ومنهم من يتم قبوله في الجامعة ضمن برنامج دبلوم لمدة عام ينتقل بعده إلى العمل في القطاع الخاص، ومنهم من  تكون نتائجهم في اختبار القبول أقل من جيد لا يتم قبولهم في مؤسسات التعليم العالي، ويتم قبولهم في بعض الدبلومات التابعة للقطاع العام أو الخاص.
3- التوسع في افتتاح الكليات الأهلية وكليات المجتمع وتسهيل الإجراءات ضمن ضوابط علمية، مع التأكيد على أهمية مشاركة القطاع الخاص في وضع الخطط الأكاديمية لمؤسسات التعليم العالي بصفته الموظف الرئيسي لمخرجات التعليم العالي في المستقبل.
4- السعي إلى ربط مؤسسات التعليم العالي بالمؤسسات الإنتاجية في المجتمع من خلال التوسع في نظام التعليم التعاوني لربط الدراسات النظرية بالتطبيق.


مواضيع قد تفيدك: