منزلة الشيخ أحمد التيجاني سي.. التصويت على قانون في الدستور يحرم لحزب أو تجمع سياسي أن تكون لهم صفة أو صبغة دينية

الشيخ أحمد التيجاني من كبار عباقرة العالم وأحد أركان الأمة الإسلامية فلسفة وعلما وذكاء، فهو بحق مثل أعلى ونموذج إنساني متكامل يدر أدبا ونبلا وفكرا وهمة وهيبة وجلالا  يشهد له بهذه المزايا علماء العصر من مختلف الأوساط وسكارى المشارب.
أما خبرته وتجاربه السياسية لم يحظ بالتوفيق فقد تكالب عليه طبقة لا تؤمن بسلطة دينية أو روحية فنافسوه وغروه واغتصبوا منه النصر والفوز الذي حققه في انتخاباته سنة 1959، وصرح أحد كبار المنافسين قائلا: (نحن الخصم والحكم، ولو صوت له الجن والإنس بجميع أوراق شجرة الدنيا فالفوز والنصر بجانبنا).
وبالفعل أعلن النتائج قبل بدء فرز الأصوات وكرسوا فشله وحصل ما لم يكن بحسبان وباعتبار الشعب حينئذ غير واع، غير خبير، غير مجرب، ولم تكن هناك رقابة أو إشراف أو لجان مختلفة من المنافسين فمن المحال أن تكون عملية الانتخاب نزيه، وكان جانب المفرنس يعتقد جازما أن  الشيوخ لاحق لهم من تولي السلطة السياسية والقضائية والتشريعية والتنفيذية، وبالأحرى رئاسة الجمهورية. وهذه القناعات لا تزال سارية المفعول بين المفرنسين والمستعربيين الجامعيين وغيرهم ماداموا ينتمون إلى أسرة  الدين والثقافة، هذا كأثر من آثار الاستعمار، فلسفة إدارية سياسية مبرمجة مقررة تدرس في جميع مراحل التعليم حتى في الدراسات العليا.
منذ حصول دولة السنغال على الاستقلال حتى اليوم لم يشارك في إحدى السلطات الثلاثة للدولة مستعرب واحد كنائب في البرلمان، وكوزير، وكقاض في المحاكم حتى الابتدائية منها، وبالأحرى القضاء العالي والوظائف العالية جملة وتفصيلا، وكان الاستراتيجي التيجاني مبكرا يرى كل ذلك، ونهض بما له من قوى لتفادي وقوع الشعب في هذا الفخ.
وبعد اغتيال أماني الشيخ التيجاني من منافسيه، جمع هؤلاء قواهم ووضعوا خططا دقيقة واتخذوا إجراءات صارمة لمنع تكرار هذه المحاولة من أفراد  كبار أسر الدين، وصوتوا على قانون في الدستور يحرم لحزب أو تجمع سياسي أن تكون لهم صفة أو صبغة دينية، وهذا القانون لا يزال ساري المفعول رغم انتشار الأحزاب السياسية وتقود ثمانية منها أشخاص تنتمي لهذه الأسر الدينية منهم:
مصطفى سي، ومود كرا امباكي، ومأمون نياس، وأحمد خليفة نياس، وغيرهم وتشد عليهم الخناق ويراقبون ويلاحقون ويحرمون من أتفه الحقوق ومزايا الأحزاب المعترفة رسميا، بسبب انتماء مؤسسيها  من أسر دينية.
وهذه العمليات والتجمعات السياسية تكرار لما دعا ونادى وقام بها التيجاني في نهاية الخمسينيات وضحى بالنفس والنفيس من أجلها وكانت مبادرته ومشروعاته غير مفهومة وكان شعار المنافسين يقول ويجاهر بان الشيوخ عليهم أن يلازموا محارب الزوايا وسبحاتهم وجلودهم وألا يفكروا في مساهة الأطر المفرنسة في تسيير شئون البلاد لأنهم خلقوا لمهام دينية لايجوز جمعها أو ربطها بشئون الدولة.
 ومنذ سنين اعتكف التيجاني في برج مشيد بالصمت وسكون رهيب يوحى ويلهم بتعاليم جد غزيرة. ويثار حول سكوته أقاويل والتحليلات والتخمينات ولا يرونه أو يسمعون منه إلا بمناسبة حفلة مولد النبي، حيث لم يعد يشارك في الملتقيات ربما لتقدمه في السن ولأن ابنه الكبير يمكن أن ينوب عنه  ويلعب دوره بجدارة، ويواجه قوى التيارات المضادة بخبرة ومهارة وبسالة.
لمثل هذا يذوب القلب من كمد *** إن في القلب إيمان وإسلام.

ليست هناك تعليقات

جميع الحقوق محفوظة لــ وريقات 2015 ©