الزراعة وتربية الحيوانات في افريقيا.. تطبيق الأساليب الزراعية الحديثة وإدخال الآلة والابتعاد عن نمط الزراعة المتنقلة المؤقتة ورفع المردود وتنظيم الملكية.

تقدر نسبة الأراضي الزراعية بنحو 35 % من مساحة القارة منها قرابة 7 % مستغلة زراعياً والباقي مروج ومراع. والأراضي المروية فيها محدودة المساحة إذ لا تزيد على 50.000 كم2 في إفريقية جنوب الصحراء التي تقدر مساحتها العامة 23 مليون كم2. كما أن المساحات المروية شمال الصحراء على امتداد وادي النيل والشريط الساحلي للبحر المتوسط هي أشرطة مسايرة للأودية أو واحات متباعدة في معظم الحالات. ويلاحظ أن غالب الأراضي المروية والسدود التابعة لها هي مشاريع كبيرة ممولة من مؤسسات عالمية أو أنظمة حكم محلية (قطاع عام)، تتلقى مساعدات أجنبية لإنتاج محاصيل نقدية (تجارية) في معظمها، وذلك على حساب المزارعين الصغار الذين يعانون من عدم انتظام هطول الأمطار وكمياتها، ومن فقر التربة وتعريتها ومن المنافسة، ويعجزون عن مجابهة التصحر والجفاف والكوارث الطبيعية. ومع ذلك فإن التطور شق طريقه وما زال يشقه في هذا المجال في كثير من أنحاء القارة، إذ يخصص نحو نصف أقطارها قرابة 25% من الميزانيات السنوية للقطاع الزراعي، إضافة إلى حرية الأسعار في أكثر من ثلثي البلدان. كما اتبعت دول كثيرة أسلوب زيادة القروض الحكومية للمزارعين الصغار، ومكافحة الآفات والأمراض والحشرات التي تقضي على محاصيل الذرة والحبوب وغيرهما، وتطبيق الأساليب الزراعية الحديثة وإدخال الآلة والابتعاد عن نمط الزراعة المتنقلة المؤقتة ورفع المردود وتنظيم الملكية.
تتنوع المحاصيل الزراعية في إفريقية تنوع النطاقات المناخية الممتدة على جانبي خط الاستواء من النطاق المتوسطي في النصف الشمالي إلى النطاق المتوسطي في النصف الجنوبي للكرة الأرضية، مروراً بالنطاقات فوق المدارية فالصحراوية والمدارية والاستوائية، وتحتل زراعة الحبوب بأنواعها، المركز الأول بين المحاصيل الزراعية، لأنها الغذاء الأساسي للسكان ولاعتمادها على الأمطار في انتشارها ونموها. وتأتي المحاصيل الغذائية الأساسية، وهي الذرة بأنواعها (من الذرة الصفراء حتى الدخن) والأرز ثم القمح، في مقدمة الزراعات التي تشغل مساحات واسعة من الأراضي الزراعية في مصر وبوروندي والكَمِرون وتشاد وإثيوبية وغانة وغينية ومالي وبلدان إقليم السودان وغيرها. ويكاد إنتاج القمح والشعير يقتصر على بلدان البحر المتوسط وجنوبي إفريقية وشرقيها. أما الأعلاف فتزرع في البقاع فوق المدارية والمدارية وفي النطاقات المتوسطية المعتدلة، ويعد وادي النيل من المناطق المهمة في إنتاج العلف المروي كالبرسيم ذي المردود العالي وغيره من أنواع علف تتفق والنطاقات المناخية التي تقطع القارة من الشرق نحو الغرب، علماً أن إنتاج الأعلاف المزروعة محدود الانتشار في معظم بلدان إفريقية، إذ عماد الرعي الأول هوالأعشاب الطبيعية.
يعد الموز أهم الثمار الاقتصادية الإفريقية وتنتشر زراعته في معظم بلدان القارة. ويزرع في الكَمِرون والكونغو الديمقراطية وساحل العاج والصومال ومدغسكر ومصر على مساحات واسعة، وفي مزارع كبرى يصدّر معظم إنتاجها إلى خارج القارة. وتتصدر دول ساحل العاج وكينية وتنزانية وجنوب إفريقية البلدان المنتجة للأناناس والمصدّرة له.
أما التمور فينحصر إنتاجها في الشمال الإفريقي والواحات الصحراوية حيث تنتشر أشجار النخيل، كذلك تنتشر أشجار التين والزيتون والعنب وكرومه في شمالي القارة ولاسيما في تونس والجزائر وليبية والمغرب. وتزدهر زراعة الحمضيات (الكريفون والبرتقال والليمون) في جنوب إفريقية وبلدان البحر المتوسط وفي إثيوبية وغينية وسيراليون وغانة وتنزانية.
 وتزرع البطاطا في بلدان المناخات المتوسطية وفي الأجزاء المرتفعة في الشرق الإفريقي وجزيرة مدغسكر. وينمو موز الطهي في البقاع الاستوائية والمدارية من النطاق الغابي المطير. وكذلك نبات الكاسافا الذي يزرع في معظم أنحاء القارة باستثناء جنوبي القارة وشماليها والأجزاء الجافة منها. وتعد البندورة أهم أنواع الخضر المنتشرة في القارة ولاسيما في بلدان البحر المتوسط كمصر التي تنتج قرابة نصف إنتاج إفريقية، وهناك البصل والفاصولياء والفول والبازلاء في نطاقات البحر المتوسط وجنوب إفريقية وعدد من دول القارة المرتفعة أيضاً، كذلك تزرع في إفريقية محاصيل القطاني ذات الأهمية المتزايدة في الشريط السوداني من مدغسكر حتى السنغال، وكذلك الملفوف والقرنبيط في المناخات المتوسطية، والفليفلة والخيار والبطيخ والباذنجان في عدد من البلدان المدارية، ثم مجموعة من محاصيل أقل أهمية مثل الكاشو (البلاذر الأمريكي)، وأنواع مختلفة من أشجار الجوز وجوز الهند الذي يستخرج منه الكوبرا copra (اللب المجفف)، وجوز الكولا في النطاقات الغابية من القارة ولاسيما في نيجيرية وغانة وساحل العاج وسيراليون وليبيرية، ثم نخيل الزيت والفستق السوداني الواسع الانتشار. وتنتج إفريقية القطن في مصر وأوغندة وتنزانية والسودان وموزامبيق وتشاد بكميات تسمح بقيام صناعات نسيجية محلية وتصدير قسم من المحصول خيوطاً أو بذوراً. كذلك يزرع السمسم ودوارالشمس (عباد الشمس) في النطاق السوداني وجنوب إفريقية. أما الكاكاو فتشتهر بزراعته الكَمِرون وغانة وساحل العاج ونيجيرية. وتنمو أشجار البن في أنغولة والكَمِرون وإثيوبية وساحل العاج وكينية ومدغسكر وليبيرية وتنزانية وغيرها من بلدان ذات شروط طبيعية مناسبة لزراعته. ويزرع في القارة الشاي في إقليم المرتفعات الشرقية والمطاط حول خليج غينية ولا سيما في الكَمِرون وليبيرية ونيجيرية والكونغو الديمقراطية، وقصب السكر في الكونغو ومدغسكر وموزامبيق وجزر المحيط الهندي الإفريقية ومصر وغيرها. أما التبغ فيزرع في ملاوي ونيجيرية ومصر وغيرها.
أما تربية الحيوانات فتتركز في نطاقات السافانا العشبية والبقاع السهبية في الدرجة الأولى إذ يعتمد السكان على تربية الأبقار والغنم والماعز، وتنتشر بينهم مهنة الرعي والنجعة. وتعاني قطعان الماشية في المناطق المدارية من الأمراض المتفشية فيها ومن وباء ذبابة التسي ـ تسي ونقلها للأمراض ولاسيما في نطاق الغابات المدارية الدائمة الرطوبة. وتربى في إفريقية أنواع من أبقار محلية هي الأكثر انتشاراً وتمتلكها قبائل وأسر كبيرة عادة وإنتاجها قليل من اللحم والحليب، لكن جلودها جيدة للصناعة، إلى جانب أنواع مستوردة حلوب أو غنية بلحومها تربى في البلدان الإفريقية الأكثر تطوراً. وتكثر تربية الماعز والغنم في أشباه الصحارى والبقاع المتوسطية ومرتفعاتها، وهي غنية بالصوف خلافاً لتلك التي تربى في البقاع المدارية والعروض الدنيا فهي الغنية بالشعر. ويربى الجاموس في وادي النيل وفي مصر بصورة خاصة. أما الخيول ففي بلدان المغرب والنطاق السوداني وجنوب إفريقية، وتربى البغال في المغرب العربي وجنوب إفريقية. وتنتشر تربية الحمير في مناطق تربية الخيول والبغال وفي شرقي القارة ووسطها أيضاً. وتربى الجمال في الصحراء الإفريقية الكبرى وخارجها أيضاً، إلا أن أعدادها في تراجع على حساب حيوانات أخرى ونتيجة انتشار وسائط النقل الحديثة، أما تربية الدواجن فما زالت في معظم البلدان تتبع النمط الريفي التقليدي، وقليل من أقطار القارة يمتلك مداجن حديثة، وتمتلك إفريقية ثروة متنوعة من الأسماك والحيوانات المائية، منها ما هو بحري والآخر من مياهها العذبة؛ لكن الإنتاج محدود إلا من بعض السواحل والأنهار.

ليست هناك تعليقات

جميع الحقوق محفوظة لــ وريقات 2015 ©