التجارة في افريقيا.. فائض الصادرات على الواردات والمعاناة من وطأة الديون الأجنبية ونقص المواد الغذائية وأساسيات المعيشة

تتصف التجارة الإفريقية بفائض صادراتها على وارداتها، ومع ذلك فإن معظم بلدانها ترزح تحت وطأة الديون الأجنبية أو تعاني من نقص في المواد الغذائية وأساسيات المعيشة، أو من مجاعات مدمرة في عدد من أقطارها في بعض السنوات. ويعود هذا التناقض إلى أن المواد الأولية الخام من ثروات باطنية وسطحية تؤلف معظم الصادرات كما هو الحال في زامبية مثلاً، التي يؤلف النحاس 85 % من صادراتها، والنفط في ليبية، وبالمقابل تتألف المواد المستوردة من المواد الغذائية وقطع التبديل ومن مواد مصنعة أو شبه مصنعة تزيد في الديون الأجنبية، ويمتص إيفاء هذه الديون نحو ثلث قيمة الصادرات الإفريقية مما يوقع ميزانيات التنمية في عجز دائم. لذا فإن إفريقية القارة الوحيدة التي تراجع فيها الدخل السنوي للفرد في الثمانينات ومابعدها.
إن التبادل التجاري الداخلي ضعيف جداً بالموازنة مع التجارة الخارجية، إذ لاتزيد نسبة الصادرات داخل القارة على 8 % من مجموعها، وتتألف في معظمها من المواد الغذائية والمشروبات والتبغ والسكر والمواشي وإعادة تصدير بعض الواردات المصنعة كالآلات ووسائط النقل وقطع التبديل. وتؤثر ارتباطات مجموعات الدول الإفريقية باقتصاد الدول الاستعمارية السابقة لها، ونقدها في جميع قطاعات الاقتصاد وعلى رأسها التجارة والتنمية، فما زالت أوربة والدول الصناعية توجه اقتصاد الدول المذكورة الوجهة التي تحقق مصالحها أولاً وأخيراً على حساب الإفريقيين، ويبرز هذا الواقع جلياً في مجال التبادل التجاري الخارجي الذي يتصف بتزايد الصادرات الإفريقية يوماً بعد يوم وأبرزها النفط والألماس والمعادن المختلفة. وهي مواد خام أولية غير مصنعة ذات أسعار لا تقارن بالمصنوعات الغالية الأثمان المستخرجة منها. ومما تجدر الإشارة إليه أن عدداً من الدول الإفريقية يعتمد في اقتصاده على سلعة تصديرية رئيسة واحدة مما يهددها في أوقات الأزمات وتقلب الأسعار في الأسواق العالمية، كما هي الحال في ليبية (النفط) وموريتانية (الحديد) وزامبية (النحاس) وتشاد (القطن) وبوروندي (البن) وغيرها على سبيل المثال لا الحصر. وتعد السوق الأوربية المشتركة ودول أوربة الأخرى أهم زبائن الصادرات الإفريقية ولا سيما الدول الاستعمارية السابقة، تليها الولايات المتحدة الأمريكية واليابان.
والبلدان المذكورة أبرز الدول التي تستورد منها إفريقية معظم حاجاتها القادرة على شرائها. وتستأثر المواد الغذائية بنسبة كبيرة من مخصصات الميزانيات التجارية من القطع الأجنبي لتغطية النقص المتزايد محلياً. وذلك على الرغم من التحسن الطفيف الذي طرأ على الوضع الغذائي عام 1988، عندما قُدر عدد الجائعين فعلاً في القارة بأكثر من مليون نسمة، ولقد أخذ الوضع الغذائي السيء بالتفاقم منذ الستينات (العقد الذي كانت فيه القارة تكفي نفسها بنفسها)، وأخذت أرقام الواردات الغذائية بالارتفاع، حتى وصل استيراد القارة من القمح إلى أكثر من 10 ملايين طن في عام 1987 بما فيها الهبات والمعونات. ولا بد من الإشارة هنا إلى أثر الكوارث الطبيعية كالجفاف والجراد، وكذلك الاضطرابات السياسية والحروب المحلية والصراعات الداخلية وتدفق الهاربين لاجئين إلى دول أخرى إبان العقدين الماضيين في توزيع رقعة الأزمات الغذائية. وعلى العموم فإن إفريقية هي مصدر مهم جداً للمواد الأولية الضرورية للدول الصناعية وسوق لتصريف نسبة لا بأس بها من منتجاتها الصناعية والغذائية على الرغم من ضعف القوة الشرائية في معظم الدول الإفريقية.

ليست هناك تعليقات

جميع الحقوق محفوظة لــ وريقات 2015 ©