الحسين بن علي شريفا على مكة.. إصدار السلطان عبد الحميد الثاني الفرمان السلطاني بتعيينه أميرا على مكة بإصرار من جمعية الاتحاد والترقي

امسى منصب الشرافة شاغرا بوفاة الشريف عبد الاله، مما فسح المجال لتجدد النزاع العائلي القديم بين آل عون بشخص الشريف الحسين بن علي، وآل زيد بشخص الشريف علي حيدر، والذي يبدو انه كان انعكاسا للنزاع القائم بين جمعية الاتحاد والترقي من جهة والاتراك المحافظين من جهة أخرى، اذ ان الشريف حيدر كان في خلاف مع السلطان عبد الحميد الثاني واستمر ذلك فترة طويلة، بالرغم من طموحه في منصب الشرافة  رغم ما في هذا الرأي من تحفظ.

سعت أسرة الحسين لاغتنام الفرصة واتصل ابناؤه ـ وبالذات عبد الله ـ بمختلف الجهات المسؤولة لإقناعهم بأحقية والده بالامارة، ورفع مذكرات ـ على لسان والده ـ الى السلطان بواسطة الصدر الاعظم كامل باشا، ناشده فيها بإيصاله الى حقه، كونه اكبر العائلة الهاشمية سنا واحقها بالمنصب.

وأردف مذكرته هذه بمذكرة ثانية الى السطان، ولنفس الغرض وعنونها الى كل من الصدارة العظمى، ومشيخة الاسلام، فرئيس كتاب القصر السلطاني.

ولم تذهب هذه الجهود عبثا، وسهمت في ترشيح الحسين شريفا على مكة، وصدر الفرمان السلطاني بتعيينه اميرا على مكة.

تضاربت الآراء في تحديد موقف كل من السلطان عبد الحميد الثاني وجمعية الاتحاد والترقي من تعيين الحسين في المنصب الأخير، اذ يرجع البعض تنصيبه الى الجمعية واصرارها، رغم معارضة السلطان، الذي كان يرتاب من نوايا الحسين واهدافه في فصل الحجاز عن الدولة، بل واضاف هذا الرأي مبالغا، في تصوير شكوك السلطان الى حد خشيته من احتمال تهديده (الحسين) للعرش يوما ما، فضلا عن اطماعه بالخلافة، وتربصه الظرف المناسب للادعاء بها  أو بسبب كرهه للسلطان، ومكانته ونسبه الكبير.

ومن هنا فتعيين الحسين ـ كما يذهب هذا الرأي ـ جاء بناء على اجراءات الاتحاديين.
بينما يخالف آخرون هذا الرأي، فالاتحاديون كانوا عازمين على إسناد المنصب للشريف حيدر، لولا مقاومة كل من السلطان والصدر الاعظم، ضمن مساعيهم الرامية الى الحد من نفوذ جمعية الاتحاد والترقي.

ولعل في غضب الاتحاديين  واستغراب الشريف حيدر  لتنصيب الحسين محله، ما يعزز هذا الرأي.
ومن الجائز أيضا ان يستند اصحاب الراي الأخير، على الموقف المتعاطف الذي تبادله الحسين مع السلطان والصدر الاعظم قبيل سفره للحجاز فقد اوضح السلطان للحسين مقاومة الاتحاديين له في اقرار الأخير في المنصب الجديد، فيما بادله الشريف بالاستعداد لما يكفل حمايته (السلطان) بل تعهده في اعتبار الحجاز اول من يدافع عنه، فشكره السطان ـ بعد تقليده وسام الافتخار ـ لحين مجيء الفرصة المناسبة  وابدى الصدر الاعظم نفس الموقف مع الحسين عند توديعه الأخير، فقد سلمه مذكرة أكد فيها على صلاحياته في الامارة دون الاكتراث بالدستور الجديد، فضلا عما ابداه من موقفه المناهض للاتحاديين  وقد يكون أيضا للنفرة الموجودة بين السلطان وحيدر، فضلا عن علاقة الأخير بعدة اصدقاء من جمعية الاتحاد والترقي وترحيبه بالثورة ـ اثرها في موقف السلطان وإبعاده حيدر عن إمارة مكة.

ورغم هذا التضارب فهناك امر لا شك فيه هو ان الاتحاديين كانوا اصحاب السلطة الفعلية، وتعيين الحسين أو غيره هي من صلاحياتهم، واذا ما افترضنا تمتع السلطان بقوته هذه الآونة، فمن الطبيعي ان يكون في غنى عن القضايا الثانوية، بقدر اهتمامه في ازاحة الاتحاديين واسترداد مكانته.

وعلى اية حال فإن السياسة التي انتهجها الاتحاديون في الحجاز كما سنرى للسير وفق الدستور الذي اعلنوه بعد ثورتهم، وازاحتهم العناصر المعارضة، يكاد يكون دليلا على مسؤوليتهم في تعيين الحسين فضلا عما قد توحيه لهم طبيعة اقامته في الآستانة، بغض النظر عما تقدم من آراء.

ليست هناك تعليقات

جميع الحقوق محفوظة لــ وريقات 2015 ©