الإطار القانوني للدعارة في بلجيكا: توازن معقد بين التسامح والحظر الصارم

الإطار القانوني: ممارسة مسموحة وأنشطة مرتبطة ممنوعة

يُمكن تلخيص الوضع القانوني للدعارة في بلجيكا بأنها "مُقننة" بشكل جزئي. فممارسة الدعارة نفسها (تقديم خدمات جنسية بمقابل مادي) ليست جريمة في حد ذاتها. ومع ذلك، هناك مجموعة من الأنشطة المرتبطة بها محظورة بشكل قاطع ويعاقب عليها القانون البلجيكي، وتشمل هذه الأنشطة:

  • القوادة وتوفير بيوت الدعارة: يُعدّ تشغيل بيوت الدعارة أو مساعدة الأشخاص على ممارسة الدعارة (القوادة) أمرًا غير قانوني.
  • التحريض والإعلان: تُحظر جميع أشكال التحريض على الدعارة، بالإضافة إلى الإعلان عنها.
  • استغلال القاصرين والاتجار بالبشر: يُعتبر الاتجار بالبشر واستغلال الأفراد الضعفاء أو القاصرين في مجال الدعارة من أخطر الجرائم ويعاقب عليها بالسجن لمدة تصل إلى 30 عامًا.


تطور القوانين على مر الزمن:

لم يكن الوضع القانوني للدعارة في بلجيكا ثابتًا، بل مرّ بعدة مراحل:

  • قبل عام 1946: كانت البلديات هي المسؤولة عن تنظيم الدعارة، حيث كانت تفرض تسجيل العاملين في الجنس وتُلزمهم بالفحوصات الطبية الدورية.
  • تشريع 1946: حلّ التشريع الفيدرالي محل القوانين المحلية، وأصبح التركيز على حظر الأنشطة المرتبطة بالدعارة مثل القوادة وتوفير الأماكن لأجل غير قانوني، والتحريض العلني.
  • قانون 1995 و2005: استمرت التعديلات في اتجاه تشديد العقوبات على الاتجار بالبشر، ومنحت المحاكم صلاحيات أكبر لإغلاق الأماكن المرتبطة بالدعارة. كما جعلت هذه القوانين بلجيكا متوافقة مع الاتفاقيات الدولية التي تجرّم هذه الأنشطة.


التنظيم المحلي: البلديات والتسامح المنظّم

تتمتع البلديات البلجيكية بسلطة فرض لوائح إضافية لتنظيم الدعارة في نطاقها المحلي بهدف الحفاظ على النظام العام. ومعظم المدن البلجيكية لديها مناطق "الضوء الأحمر" الشهيرة التي غالبًا ما تُعرف بـ دعارة النوافذ.

في حين أن بعض البلديات اتبعت نهج "التسامح غير المنظم" حتى عام 2000، بدأت بعض المدن الكبرى مثل لييج وغنت في حظر دعارة النوافذ أو نقلها من مراكز المدن، بينما قامت مدن أخرى مثل أنتويرب بإعادة تنظيم مناطقها بشكل صارم.


العاملون في المجال: المهاجرون والوضع القانوني

أظهرت الإحصائيات أن عدد العاملين في مجال الدعارة في بلجيكا بلغ حوالي 26,000 شخص في عام 2015، وكان الكثير منهم من المهاجرين، وخاصة من بلغاريا. ومع ذلك، يواجه المهاجرون من خارج الاتحاد الأوروبي قيودًا صارمة، حيث يمنع عليهم العمل في هذا المجال، وإذا قاموا بذلك، فإن إقامتهم تُعتبر غير قانونية وتُلغى، مما يؤدي إلى ترحيلهم.


الحجم الاقتصادي وخصائص السوق:

يُعدّ قطاع الدعارة في بلجيكا نشاطًا اقتصاديًا كبيرًا، حيث قُدّر حجم مبيعاته في عام 2015 بحوالي 840 مليون يورو. وتشير الأبحاث إلى أن القطاعات الأكثر انتشارًا في السوق هي الخدمات المرافقة والدعارة الخاصة، على عكس الدعارة العلنية أو دعارة الشوارع.

أحدث أقدم

نموذج الاتصال