لعبت جماعة إيغود التي تبعد عن مدينة أسفي من الجهة الجنوبية الشرقية بحوالي 55 كلم، دورا تاريخيا واستراتيجيا، حيث شكلت هذه المنطقة فترات مهمة من التاريخ، ففيها يوجد موقع مغارة إيغود القريبة من مناجم البارتين (بالجبيلات)، إذ بداخله تم اكتشاف بقايا الإنسان الأول، وقد تم الاكتشاف في الوقت الذي كانت فيه الشركة المغربية للمعادن والمواد الكيماوية سنة 1961 منكبة على استغلال منجم البارتين، تم العثور على جمجمة إنسان بالغ أطلق على جمجمته إيغود.
وأثبتت الدراسات التي همت موقع إيغود إلى أن إنسان إيغود اعتبر من أقدم تواجد بشري بالمنطقة بحيث قام بممارسة صنع أدوات الحجرية من مواد صخرية كالصوان وتشير نفس الدراسات أنه هو من يكون استقطبه من ضفاف واد زروك المجاور للموقع، كما قام بتصنيع أدوات من الكوارتز وهي من الأدوات الحجرية المستعملة تم استخراجها من الصخور المحيطة بالمغارة.
واعتبرت إيغود من أغنى المواقع في المغرب من حيث بقايا إنسان العصر الحجري القديم الأوسط فهي تعود إلى حوالي 130.000 سنة ولها من الخاصيات المورفولوجية لما هو بدائي وما هو حديث حسب دراسة اينوشي.
ويكرس هذا التوجه القيمة العلمية التي يكتسبها موقع إيغود ويجعل من بقاياه الإنسانية أداة حية لمعرفة ورصد مرحلة مصيرية في تصور الإنسان، وبذلك يكون موقع إيغود قد عمره الإنسان وعاش بمحيطه مند الزمن البعيد وكانت المناجم المتواجدة بالمنطقة مؤشر جدب للشركات المتهافتة للاغتراف من ينابعها بتواجد حركة عمالية اكتسبها حركة تجارية فكانت محورا آمنا للقوافل القادمة من مراكش والجنوب عبر محطة سيدي شاكر في اتجاه أسفي ومن ميناء أكوز الصويرية القديمة نحو منطقة زيما بالشماعية في اتجاه الصخور الرحامنة لتمتد المسيرة نحو الأطلس الكبير فكانت الحركة تدب منتعشة معها المكان والزمان فجعل وقتها من الموقع محط اهتمام المؤسسات التجارية والصناعية لاستغلال خيراتها واستنزاف ما يتواجد ببطن تلالها دون الاهتمام ببنيتها التحتية وبالتالي غابت الرؤية المستقبلية التنموية وحضر الجشع وتضارب المصالح للمؤسسات التجارية والصناعية.
لقد أغلقت جل المواقع المنجمية هناك دون إيجاد بدائل وحلول ناجعة بإمكانها أن تقوم بجبر الكسر الذي أصيبت به المنطقة لكن ذلك لم يقع لتتحول الحركة إلى جمود وسكون غير مسار تاريخ إيغود وحولها إلى خراب وأصبحت بناياتها من بقايا التاريخ وتقلصت نسبة الساكنة النشيطة بالقرية وازداد معدل الهجرة نحو المناطق والمدن المجاورة بحثا عن حياة أفضل، فساكنة إيغود تركت قطار التنمية وتواجه الآن معضلة الفقر والبطالة والتهميش، والأمل أن تعود المنطقة إلى جاذبيتها الطبيعية اقتصاديا واجتماعيا و أن لا يكون مصيرها الإهمال كما أهملت بقايا الإنسان القديم في غابات المواقع الأثرية العميقة.