النسيج الاجتماعي في الخليل: دراسة معمقة لأشهر العائلات والعشائر وأثرها الممتد في التاريخ الفلسطيني والحياة المعاصرة

العائلات الكبرى في مدينة الخليل:

تشتهر مدينة الخليل، وهي إحدى أكبر المدن الفلسطينية، بتعدد عائلاتها وعشائرها الكبيرة التي تلعب دوراً هاماً ومؤثراً في الحياة الاجتماعية والسياسية والاقتصادية للمدينة ومحافظتها. وتعود جذور العديد من هذه العائلات إلى تاريخ قديم، ما أكسبها مكانة خاصة ونفوذاً كبيراً.


1. عائلة الجعبري (الجبيري):

تُعد هذه العائلة من أضخم العشائر ليس فقط في الخليل بل في فلسطين عموماً، ولها امتداد عشائري كبير.

  • الأهمية التاريخية: يعود تاريخ العائلة إلى حقب قديمة، وقد لعبت دوراً في الحياة الإدارية والاجتماعية في المنطقة خلال العهد العثماني وما تلاه.
  • الدور المعاصر: يتميز أفراد العائلة بحضور قوي في المجالات السياسية والتعليمية والتجارية. فمنهم من شغل مناصب قيادية في السلطة الوطنية الفلسطينية، ومنهم من تولى مناصب بلدية وحكومية رفيعة. يُنظر إلى العائلة ككتلة مؤثرة في الانتخابات المحلية والوطنية.

2. عائلة القواسمي (القواسمة):

تُعد من العائلات الرئيسية ذات الثقل في المدينة.

  • الأصول والامتداد: تتميز العائلة بامتدادها الواسع وتفرعها، وتُعرف بمشاركتها الفعالة في الحياة العامة.
  • التأثير: لعبت العائلة دوراً في المقاومة الوطنية ونضالات الشعب الفلسطيني. وكغيرها من العائلات الكبيرة، تساهم في تشكيل الرأي العام وتوجيه الحياة السياسية والاجتماعية في الخليل.

3. عائلات البلدة القديمة (الخليل الحضرية):

هذه العائلات تُشكل عمق المدينة التاريخي، وهي مرتبطة ارتباطاً وثيقاً بالحارات القديمة كحارة السواكنة وحارة بني دار وحارة القزازين.

  • عائلة الزرو والحموري: من العائلات المعروفة التي سكنت قلب البلدة القديمة ولها تاريخ في الدفاع عن الوجود الفلسطيني في المناطق الحساسة قرب الحرم الإبراهيمي.
  • عائلة طهبوب والأشهب وسنقرط: عائلات ذات جذور قديمة ومشاركة فاعلة في مختلف جوانب الحياة الاجتماعية والاقتصادية في المدينة.
  • البكري والقيمري: تُعد من العائلات التي حافظت على استمراريتها وتواجدها في محيط الحرم الشريف على مر العصور.


التركيب العشائري في قضاء الخليل (الريف والحضر):

يتميز قضاء الخليل بوجود تجمعات عشائرية كبيرة في القرى والبلدات المحيطة، حيث قد تُشكّل العشيرة الواحدة غالبية سكان البلدة.

1. العائلات في منطقة دورا:

تُعتبر دورا من أكبر تجمعات قضاء الخليل، وتنقسم عائلاتها إلى تكتلات عشائرية واسعة:

  • أبو سندس والنمورة: عشائر ذات ثقل اجتماعي كبير، تشتهر بالحفاظ على العادات والتقاليد العشائرية وتلعب دوراً في حل النزاعات.
  • الشرحة والحروب: لها تواجد واسع ومشاركة في الحياة العامة للمنطقة، وتتفرع إلى عدة أفخاذ.
  • السويطي والفسفوس: من العائلات ذات الانتشار الواسع في دورا والقرى المجاورة.

2. العائلات في منطقة يطا

تُعرف يطا بكونها إحدى أهم التجمعات، ومن أبرز عائلاتها الهرينات، والمخامرة، والشواهين، والعدرة، والتي تتميز بامتدادها العشائري في المنطقة الصحراوية الجنوبية لقضاء الخليل.

3. العائلات في منطقة بني نعيم

تُعد الخضور والمنصور من العائلات الكبيرة في بني نعيم، ولهذه العائلات بصمات واضحة في الزراعة والتعليم والاقتصاد المحلي.

4. العائلات في منطقة تفوح وحلحول

  • في تفوح: تبرز عائلات مثل التركمان واغنيمات.
  • في حلحول: تبرز عائلات مثل الزماعرة وكرجة والشلوف وعليان.

دور العائلات في الحياة الاجتماعية والسياسية

في الخليل، لا تقتصر أهمية العائلة على النسب فقط، بل تتجلى في:

  • حل النزاعات (الجاهات): تُشكل العائلات الكبرى "الجاهات" التي تتوسط وتُصلح ذات البين وتحل الخلافات العشائرية المعقدة وفقاً للأعراف والتقاليد المتوارثة، وهو دور حيوي يقلل من اللجوء إلى القضاء الرسمي في كثير من الأحيان.
  • التمثيل السياسي والاقتصادي: تُعتبر العائلة المظلة التي ينطلق منها العديد من الأفراد لشغل المناصب في المجالس البلدية والمؤسسات الاقتصادية، مما يعزز نفوذها.
  • الحفاظ على الهوية: لعبت العائلات وخاصةً في البلدة القديمة دوراً محورياً في الصمود والحفاظ على الهوية العربية الفلسطينية في مواجهة التحديات السياسية.

إن التركيب العائلي في الخليل غني ومعقد، وهو أساس القوة والتنظيم الاجتماعي في المحافظة بأكملها.

إرسال تعليق

أحدث أقدم

نموذج الاتصال