لم يعرف المشرع المغربي الإكراه البدني وقد تصدى بعض الفقه لعملية التعريف هذه فعرفه ذ حسن الرملي كالتالي: "هو نظام يقصد به حسب المحكوم عليه مدة معينة يحددها الحكم الصادر به طبق لمقتضيات القانون المنظم لهذا الإجراء القهري لإجباره على أداء ما التزم أو الزم به قضاء".
و الإكراه البدني بشكل عام هو حبس المدين حتى يضطر إلى الوفاء بدينه، ويعتبر من بقايا العهود القديمة حيث كان المدين يلتزم في شخصه لا في ماله، ويحق لدائنه أن يحبسه إذا لم يف بالتزامه.
و يفضل بعض الفقه الآخر اعتباره إجراء تهديديا يستهدف الضغط على المدين القادر على الوفاء عن طريق حبسه لإجباره على تنفيذ التزامه، وهو تعريف جديد يقترب من التصور الذي ورد في المادة 77 من مدونة تحصيل الديون العمومية والمتعلقة بتنظيم مسطرة الإكراه البدني.
إلا أنه و بعد أن تبنت التشريعات الوضعية الحديثة مبدأ تطبيق الإكراه البدني تراجعت جلها عنه رغم فعاليته لما له من مساس بحرية الشخص المدين، معتبرة أن ذلك يخالف المبادئ المدنية الحديثة التي تقضي بان المدين يلتزم في ماله لا في شخصه، وأن جزاء الإخلال بالالتزام هو تعويض لا عقوبة.
و هكذا ألغى التشريع الفرنسي الإكراه البدني في الميدان التعاقدي فيما يخص الديون التجارية والمدنية بموجب القانون الصادر بتاريخ 22/7/1867، إلا أنه أبقى على هذا النظام كإجراء قهري بالنسبة للغرامات المالية والمصاريف القضائية وكذا التعويضات المدنية لفائدة الدولة والمطالب بالحق المدني مادام مصدرها الفعل الجرمي.
و يعود تنظيم المشرع المغربي لنظام الإكراه البدني لظهير 21/8/1935 المتعلق بسن نظام المتابعات في ميدان الضرائب المباشرة و الأداءات المماثلة وغيرها التي يحصلها أعوان الخزينة، و كذا قانون المسطرة الجنائية الذي ينص في الفصل 675 على أنه " يمكن أن تنفذ عن طريق الإكراه البدني بقطع النظر عن المتابعات التي يقع إجراؤها على الأموال حسب الفصل 673 الأحكام الصادرة بالغرامة، ورد ما يلزم رده والتعويضات وا لمصاريف.
و ... الإكراه البدني عن طريق الزج بالغريم في السجن ولا يمكن أن يسقط الإكراه البدني بحال من الأحوال الالتزام الذي يمكن أن تجري في شأنه بعد ذلك متابعات بطرق التنفيذ العادية.
إلا أن أهم ظهير في هذا الباب هو ا لظهير رقم 305-60-1 الصادر بتاريخ 20/2/1961 بشأن استعمال الإكراه البدني في القضايا المدنية؛ لكن هل ما زالت مسطرة الإكراه البدني لازمة التطبيق في كافة الحالات؟
أم أن المشرع المغربي قد نحى منحى التشريعات الحديثة في الحد من هذا التدبير السالب للحرية؟
فما هي المستجدات في هذا الباب؟.
التسميات
قاضي العقوبات