العرب والزرقة بدارفور.. تمازج القبائل الأفريقية مع جماعات من الساميين والحاميين

يقول الرحالة المؤرخ العربي محمد عمر التونسي: لقد عاش في دارفور منذ القدم العديد من القبائل الأفريقية، ولكن مع مرور الزمن جاءت جماعات من الساميين والحاميين في موجات متتالية عبر حقب تاريخية مختلفة من الشمال والشرق والغرب كان من أهم دوافعها الاستقرار السياسي النسبي في المنطقة وتوفر البيئة الطبيعية والظروف المناخية الملائمة لتربية الحيوان، وهما الشيئان اللذان يغريان القبائل الرعوية وبخاصة العربية الهلالية من شمال أفريقيا فكانت تلك بداية التلاقح والتمازج بين الثقافتين العربية والأفريقية.
وهذا الاختلاط أنشأ منهما شعبًا واحدًا عربيًا أفريقيا لا يستطيع أحد أن يفرق بينهما في اللون أو اللغة أو الثقافة أو العادات والتقاليد أو ما شابه ذلك، وقد حاولنا لعدة مرات أن نفرق بين أهالي دارفور علي أساس أن هذا عربي وذاك أفريقي فلم نستطع ذلك سبيلاً، بل إن وزير الخارجية الأمريكي كولن باول عندما ذهب إلي دارفور في شهر يوليو 2004 وتحدث حول قضية التطهير العرقي بين العرب والأفارقة فقال له والي مدينة الفاشر عاصمة شمال دارفور: هل تستطيع أن تفرق بين العرب والأفارقة؟ وأحضروا له رجلاً وسألوه هل هو من العرب أم من الأفارقة ؟ فأجاب بأنه من الأفارقة، فقالوا له: بل هو من العرب، وأحضروا له رجلاً آخر وسألوه عنه فقال: من العرب، فقالوا له: بل من الأفارقة، فتبسم كولن باول وصمت ولم يثر هذه القضية معهم مرة أخرى. فمن الصعب التفريق بين العرب والأفارقة سواء في الشكل أو اللون أو اللغة أو الدين لأن كل أهالي دارفور بالكامل مسلمون بنسبة 100% وكلهم يتبعون المذهب المالكي بل إنهم يقرأون القرآن بقراءة ورش. والعجيب أن كل القبائل العربية والأفريقية تتنافس علي حفظ القرآن ولهذا فإننا نجد أن الخلاوى [الكتاتيب] تنتشر في دارفور أكثر من أي موضع آخر في السودان بل تكاد أعلي نسبة في العالم الإسلامي كله، ففي دارفور وحدها أكثر من 2500 خلوة، لدرجة أننا عندما زرنا معسكرات النازحين سواء في شمال أو غرب أو جنوب دارفور وجدنا أنه حتى داخل المعسكرات وداخل الخيام هناك حرص شديد علي تحفيظ القرآن وتعلم اللغة العربية.

جميع الحقوق محفوظة لــ وريقات 2015 ©