السحر في مفهوم الأرواحيين.. سحر أبيض نافع ملتمس يذب الأرواح الشريرة والأشباح الحوامة ويجلب الخير والسعادة وسحر أسود ضار بغيض يفتك بالنفوس، وينشر الأمراض والأوبئة

السحر في مفهوم الأرواحيين نوعان:
1- سحر أبيض نافع ملتمس يذب الأرواح الشريرة والأشباح الحوامة في جنح الليل ويجلب الخير والسعادة والبناء والمنفعة والازدهار،  ويزيد في دخل الفرد والجماعة، وكثيرًا ما يستعان به لمعرفة مدى نجاح مشروع ما، كالسفر أو الزواج، أو كشف نوع المرض، وتحديد الوصفة الملائمة لعلاجه..
2- سحر أسود ضار بغيض يفتك بالنفوس، وينشر الأمراض والأوبئة ويفسد الحرث والنسل ويتسبب في إمساك الأرزاق..
وتستعمل عدة صيغ وأصول للوصول إلى نتيجة للنوعين.
يحصل الساحر على أجوبة عما يطرح عليه من مسألة بواسطة أدوات خاصة وتقنية يملك سرها (!!) على أنه يقوم باستقراء المعطيات والإشارات، ويفسر الرموز، ويفك الألغاز ليركب في النهاية المعضلة المطروحة أمامه، فيعطي جوابه عنه، ولا تقف مهمته عند هذا الحد، بل يتولى العلاج إن كان الأمر يتعلق بمرض، وهو عبارة عن تمائم وتعاويذ تتركب من قشور وعروق أشجار معينة أو أعواد وقرون.  وقد يكتفي الساحر بنفاثات في العقد، ويعلق المريض الحجاب بعنقه أو بمرفقه أو بأي جزء آخر من جسمه وقد يدفن بعضًا من ذلك في أماكن يعيّنها الساحر.
ويتنوع مجال نشاط الساحر حيث يعالج مختلف مسائل مجتمعه: على كاهله إنزال المطر إذا ما هدد الجفاف الزراعة، وإخصاب الأرض، والتدخل للتخفيف من حدة فوران الطبيعة!!.
كما أن هناك سحرًا نافعًا، وسحرًا ضارًّا، فيوجد سحرة نافعون طيبون، وآخرون خبثاء ضارون؛ فالأولون يساعدون على تذليل مصائب ومصاعب الحياة، بينما الأشرار مسؤولون عن الوفيات والأمراض والأضرار التي تصيب المجتمع بصفة عامة، وهم محل شؤم ونحس، يفر منهم الناس ويتقون شرهم.
ويعتقد هؤلاء أنه يوجد أشخاص سحرة بدون أن تكون لهم يد في ذلك، أو سبق إصرار لارتكاب جريمة الإيذاء،  فبعضهم ولدوا سحرة،  ويتهم بالسحر الأطفال ذوو الخلقة المشوهة، والتوائم، وذوو العاهات، والمنحدرون من طبقات اجتماعية مستضعفة.  ويبدو جليًّا من خلال الاتهام الموجه إلى طوائف متميزة من المجتمع أن هذه المعتقدات لا ترتكز على أسس ذات معيار علمي وعقلي مقبول.
ومما يؤسف له أن المسلمين رغم كونهم أكثر من 95% من سكان السنغال لما يتمكنوا بعد من التخلص من عدد من الخرافات، كخرافة مصاص الدماء (9) كما أن صانعي الطلاسم حلُّوا محل الكهنة في المجتمع الأرواحي، كما سيأتي.
وخليق بالملاحظة أنه في ظلّ الديانة الأرواحية لا يعترض الإنسان سبيل قوة الطبيعة قصد تسخيرها والتأثير عليها وفق حاجاته، إنما هي التي تؤثر عليه وتوجهه حسب مشيئتها ـ بزعمه ـ  وتصونه وترعاه،  أو تبيده وتهمله، وبديهي أن يعيش معتقد هذه الخرافات في هلع واضطراب دائمين.
وقد وجد الإسلام في السنغال أرضية صالحة:  فقد كانت الأنظمة السياسية مستبدة وطاغية لا تحترم قانونًا ولا عهودًا، وكانت قائمة على استفزاز الفلاحين واستغلالهم، وتجريدهم من أقل مقومات الاستقرار والأمن، وكانت تلك الإمارات تمارس معتقداتها الأرواحية، وهي أدْيان مشتتة، لا صلة تجمع أتباعها، ولا نظام يقرب بعضهم إلى بعض،  ولا طقوس تتشابه.. وعندما لاح نور الإسلام تداعت أركان الأرواحية، ولا تزال تتقهقر.

إرسال تعليق

أحدث أقدم

نموذج الاتصال