التراث الثقافي في السينغال.. فن القصص أهم مقومات الأدب الشعبي والتراث القصصي عبارة عن أساطير وأقاصيص تقوم الحيوانات بدور الأبطال فيها

تبعًا لتغاير أصول ولغات وتاريخ الشعوب المتساكنة في السنغال، فإن الحديد عن التراث الثقافي في هذا البلد متشعب، غير أن مما يسهل المعضلة وجود تشابه ملحوظ بين مختلف ألوان التراث الثقافي لهذه الشعوب، فضلاً عن الاتجاه القوي نحو توحيد وسائل التعبير عن هذه الثقافة منذ زمن؛ وذلك لتدخُّل عوامل سبقت الإشارة إلى بعضها حين الحديث عن التركيب السكاني.
وتتميز هذه الثقافة بالشفوية، أي: أنها لم تدون؛ إذ لم تدخل الكتابة إلى السنغال إلا بعد انتشار الإسلام، فأغلب ما تمت كتابته كان باللغة العربية أو باللغات المحلية بالحروف العربية ويغلب عليه طابع الإسلام.
وتحتل القصص والأمثال والشعر والأغاني والموسيقى وآلات الطرب مركز الصدارة.
ويعتبر فن القصص أهم مقومات الأدب الشعبي. والتراث القصصي عبارة عن أساطير وأقاصيص تقوم الحيوانات بدور الأبطال فيها، وتتقمص دور الإنسان، وتتصرف تصرفاته، وتتكلم بلسانه؛ داخلة في خفايا نفسه، منتقدة تارة المجتمع، وحاثَّةً طورًا آخر على عمل الخير ومكارم الأخلاق والرفق بالأيتام والضعفاء، وتنتهي الأقاصيص بالعبر والحكم، وقد تأثر بعض هذه القصص بالإسلام فأصبح يستعير منه لونه ومادته.
وكان ولا يزال حتى يومنا هذا، خصوصًا في الأرياف، يتحلق الرجال والنساء والولدان حول ضوء النار، يوقدونها للمسامرة، وخلالها يستمعون إلى القاصّ يحكي لهم أقاصيص وأساطير شيقة تخلب الأفئدة، وتستحوذ على  مجامع القلوب.
والى جانب الأقاصيص تحتل الملاحم درجة عالية في التراث الشعبي، وتدور غالبًا حول شخصيات تاريخية حقيقية أو أسطورية. وتعد ملحمة "محمد تشام " بلغة "بولار" أغزر وأغنى ملحمة في هذا الباب، فهي تروي حياة ومعارك المجاهد "عمر الفوتي"؛  وكان المؤلف قد شارك شخصيًا في جميع حملات الفوتي العديدة، فهي في نظر بعض العارفين لا تقل قيمة عن ملاحم "هوميروس".
ويعكس ذلك كله تنوع وثراء "الفولكلور" السنغالي الذي يسير في طريق التأصيل  والحفظ والثبات..

إرسال تعليق

أحدث أقدم

نموذج الاتصال