تطور مفهوم التمويل.. تحديد مسار رأس المال وتحويله من رأسمال نقدي إلى رأسمال منتج وتحديد أفضل مصدر للحصول على الأموال من عدة مصادر متاحة

يعتبر التمويل من أقدم فروع علم الاقتصاد إلا أن دراسته لم تحظى بالاهتمام إلا منذ عهد قريب عندما تولد إحساس بضرورة وضع المبادئ الأساسية لنظرية التمويل بعد ثراء النظرية الاقتصادية وما أسفرت عنه الدراسات التحليلية في هذا المجال من نتائج تمثلت في مجموعة من المبادئ أصبح من السهل تكييفها وبلورتها في نظرية التمويل.

ولقد حاول الباحثون إبراز أهمية الوظيفة التمويلية وأثرها على عمل المشروع وتطوره وتفاوت درجة فعالية طرق التمويل وأساليبه إلا أنهم يجمعون على أن التمويل يعني "توفير المبالغ النقدية اللازمة لدفع تطوير مشروع عام أو خاص".

وبعبارة أخرى "عملية تجميع لمبالغ مالية ووضعها تحت تصرف المؤسسة بصفة دائمة ومستمرة من طرف المساهمين أو المالكين لهذه المؤسسة وهذا ما يعرف برأس المال الاجتماعي".

غير أن اعتبار التمويل على أنه الحصول على الأموال واستخدامها للتشغيل أو تطوير المشروع يمثل النظرية التقليدية للوظيفة التمويلية وهي نظرة تركز أساسا على تحديد أفضل مصدر للحصول على الأموال من عدة مصادر متاحة.

ولذلك فإنه لا بد لكي يكون هذا التعريف متماشيا مع النظرة الحديثة لمفهوم التمويل أن يفهم على أنه يتضمن جميع القرارات التي تتخذها الإدارة المالية لجعل استخدام الأموال استخداما اقتصاديا بما ذلك الاستخدامات البديلة ودراسة تكلفة المصادر المتاحة والنظر إلى القضايا المالية على أنها غير منفصلة عن أعمال كثيرة أخرى في المشروع كالإنتاج والتسويق....الخ.

ففي الاقتصاديات المعاصرة يشكل التمويل أحد الأنشطة الرئيسية لتطوير القوى المنتجة وبالتالي الإنتاج فهو يحدد مسار رأس المال نفسه وبخاصة اللحظة الأساسية في تحويل رأسمال نقدي إلى رأسمال منتج فبدون المال وبدون الوسائل النقدية لا يمكن أن يحدث هذا التحول فالحصول على مستلزمات الإنتاج لا يتحقق إلا عن طريق المبادلة في أسواقا معينة وهذا تأكيد لمقولة "المال قوام الأعمال".

فالحاجة إلى رأس المال من أجل التمويل تنبع من كل القطاعات من المؤسسات العامة أو الخاصة، من العائلات أو الخواص، من الدولة وكذا من الخارج وذلك لتسهيل القيام بجملة من الأنشطة حسب الدور الذي يلعبه كل متعامل اقتصادي من المتعاملين السابقين.

فالمؤسسات تحتاج إلى موارد مالية أولا من أجل الحصول على المعدات والتجهيزات، وثانيا من أجل مواكبة التطور الصناعي والتجاري، وأخيرا من أجل تسديد التزاماتها واستحقاقاتها من أجور ومصاريف وغيرها.

والخواص يقعون في الحاجة للمال بسبب الفرق الموجود بين مستوى مداخليهم ومستوى المصاريف التي يجب أن يقوموا بها، وعليه فالصعوبات المالية لديهم تنبع إما من صعوبات مؤقتة في السيولة أو ضرورة تسديد مصاريف استثنائية، أو الرغبة في اقتناء أو استبدال معدات، الرغبة في الحصول على ملكية أي تحقيق استثمار عقاري، ولتحقيق مثل هذه الرغبات يستلزم توفر الفرد على إمكانيات حقيقية للادخار، بالإضافة إلى إمكانية الحصول على الأموال من المصادر الخارجية والمتمثلة في الإقراض.
أحدث أقدم

نموذج الاتصال