تأسيس منظمة التحرير الفلسطينية.. سيطرة حركة فتح وفصائل الثورة الفلسطينية المسلحة على قيادات ومقدرات منظمة التحرير وتشكيل جناح فدائي خاص بالمنظمة إضافة إلى جيش التحرير الفلسطيني

صباح 28/5/1964، افتتح المرحوم أحمد الشقيري، بحضور الملك الأردني الراحل الحسين بن طلال أعمال المجلس الوطني الفلسطيني الأول في دورة اجتماعاته التي عقدت داخل قاعة فندق أنتركونتيننتال في مدينة القدس، بدعم كامل من الرئيس عبد الناصر، وبحضور أكثر من مائتي عضو يمثلون التجمعات الرئيسة للشعب الفلسطيني في الضفة الغربية والقدس وقطاع غزة بالإضافة إلى الشتات، وأعلن أحمد الشقيري في نهاية أعمال المؤتمر، عن تأسيس منظمة التحرير الفلسطينية، ككيان سياسي يعيد الاعتبار لوحدة الشعب الفلسطيني في كل مكان، ويمثله على الصعد كلها، ويحمل طموحاته وتطلعاته الوطنية، بعد أن انهارت وأجهضت عربياً تجربة حكومة عموم فلسطين التي أعلن عن قيامها في تشرين / أكتوبر 1948 في قطاع غزة على يد مفتي فلسطين المرحوم الحاج محمد أمين الحسيني، وأحمد حلمي عبد الباقي، وجمال الحسيني.
وقد سيطرت حركة فتح وفصائل الثورة الفلسطينية المسلحة على قيادات ومقدرات منظمة التحرير عام 1968 في الدورة الرابعة للمجلس الوطني الفلسطيني التي عقدت في القاهرة، بعد استقالة المرحوم أحمد الشقيري في 24/12/1967 وتعيين يحيى حمودة خلفاً له، لفترة انتقالية مؤقتة لم تزد على الثلاثة أشهر، وبمساعدة كل من خالد الفاهوم، بهجت أبو غريبة، عبد الخالق يغمور، إبراهيم بكر، فاروق الحسيني....، رغم قيامه، أي أحمد الشقيري، بتشكيل جناح فدائي خاص بالمنظمة إضافة إلى جيش التحرير الفلسطيني تحت اسم (قوات التحرير الشعبية) التي انتشرت إلى أغوار الأردن وشاركت في معركة الكرامة في 21/3/1968، تحت قيادة العقيد عبد العزيز الوجيه، عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية آنذاك، والعقيد بهجت الأمين وفي قطاع غزة بقيادة الشهيدين زياد الحسيني، وعبد القادر أبو الفحم، إلى حين استقالة السيد يحيى حمودة في الدورة الخامسة للمجلس الوطني الفلسطيني التي عقدت في شباط / فبراير 1969 وتسمية ياسر عرفات كرئيس اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية. وسبق أن كانت النواة المؤسسة لحركة فتح قد عرضت على أحمد الشقيري في اجتماع مشترك عقد في ليبيا، قبيل انعقاد مؤتمر القمة العربية الذي أفضى إلى تأسيس منظمة التحرير الفلسطينية، وفيه، عرض وفد من فتح على الشقيري إمكانية تقديم موعد الانطلاقة المسلحة لقوات العاصفة حتى تتزامن مع تأسيس المنظمة. وبدأ التحوّل في مؤسسات منظمة التحرير الفلسطينية لتصبح (ائتلافاً وطنياً) يضم جميع الفصائل والقوى والفعاليات والاتحادات الشعبية والنقابية والمهنية. واتخذت في الدورة الرابعة للمجلس الوطني، قرارات سياسية وتنظيمية مهمة تستجيب للمرحلة الجديدة، منها: إحداث تعديلات في بعض بنود النظام الأساسي، وعدّ المنظمة (تجمعاً للقوى الفلسطينية في جبهة وطنية من أجل ثورة مسلحة لتحرير الأرض) وتعديل اسم الميثاق القومي ليصبح الميثاق الوطني الفلسطيني. وهذه المتغيرات في بنية منظمة التحرير مهّدت لمرحلة ما بعد هزيمة 1967 ودخول ستة فصائل فلسطينية وتسلمها قيادة المنظمة (فتح، الصاعقة، الجبهة الشعبية...) وانتخاب ياسر عرفات رئيساً لها من الدورة الخامسة (شباط / فبراير 1969) حيث استند ائتلاف منظمة التحرير إلى السيبة الثلاثية التي كرستها الفصائل الثلاثة المذكورة. وواكبت هذه الدعوة إنشاء "الاتحاد القومي الفلسطيني"، في مصر وغزة وسورية، ودعوة عبد الناصر إنشاء كيان فلسطيني، غايته "مواجهة نشاط (إسرائيل) لتصفية المشكلة الفلسطينية وإضاعة حقوق شعب فلسطين". لكن، عدم تنفيذ القرارات المتعلقة بالشعب الفلسطيني، دفع القاهرة إلى تقديم مذكرة إلى الجامعة العربية، تطالب بإبراز الشخصية الفلسطينية، وذلك خلال اجتماع مجلس الجامعة، في شتورة، في أغسطس/ آب 1960.
حدّدت لجنة الخبراء التابعة لجامعة الدول العربية، في يوليو/ تموز 1962، شكلاً للكيان الفلسطيني، يقوم على أساس الدعوة إلى مجلس وطني، يضمّ التجمعات الفلسطينية. وتنبثق منه جبهة وطنية، تقود الشعب الفلسطيني، ويكون لها اختصاصات، عسكرية وسياسية وتنظيمية وإعلامية ومالية. إلا أن معارضة الأردن، والخلافات بين بعض الدول العربية، حالت دون تقديم المشروع إلى مجلس الجامعة.
إثر وفاة أحمد حلمي، رئيس "حكومة عموم فلسطين"، وممثل فلسطين لدى الجامعة العربية، بحثت الدورة الأربعون لمجلس الجامعة، في 15 سبتمبر/ أيلول، تعيين خلف له. واختير أحمد الشقيري لهذا المنصب، على معارضة الأردن والمملكة العربية السعودية لذلك. وصدر قرار المجلس، الرقم 1933، باختيار "السيد أحمد الشقيري مندوباً لفلسطين لدى مجلس جامعة الدول العربية، وذلك طبقاً لملحق ميثاق الجامعة الخاص بفلسطين، وإلى أن يتمكن الشعب الفلسطيني من اختيار ممثليه".

إرسال تعليق

أحدث أقدم

نموذج الاتصال