الطريق السيار فاس - وجدة (A9): الشريان التنموي الجديد لجهة الشرق، الآثار الاقتصادية والاجتماعية لربط 320 كلم من الأقاليم في زمن قياسي

الطريق السيار فاس - وجدة (A9): شرايين تنموية تربط الشرق بقلب المغرب

يُمثل الطريق السيار فاس - وجدة، المعروف اختصارًا بـ A9، قفزة نوعية في شبكة البنية التحتية الطرقية للمملكة المغربية. يتجاوز هذا المشروع كونه مجرد طريق للنقل، ليصبح أكبر محور طرقي أنجزته الشركة الوطنية للطرق السيارة بالمغرب (ADM) في فترة زمنية متواصلة واحدة، مما يؤكد على الإرادة القوية لتطوير الأقطاب الاقتصادية.


ضخامة الإنجاز في أرقام وتفاصيل:

1. الإطار الزمني والمالي القياسي:

تمثل المعطيات الزمنية والمالية لهذا المشروع شهادة على سرعة وفعالية التنفيذ:

  • الامتداد الجغرافي: يمتد الطريق السيار على مسافة هائلة تبلغ 320 كيلومترًا، رابطًا منطقة المغرب الأوسط (فاس) بالجهة الشرقية (وجدة)، ويُشكل شريانًا حيويًا لاقتصاد المنطقة.
  • الإنجاز في أربع سنوات: لم تتجاوز المدة الزمنية لتشييد هذا المحور الضخم أربع سنوات. هذا التوقيت القياسي يدل على التخطيط المُحكم واستخدام تقنيات البناء الحديثة لتجاوز التحديات اللوجستية والهندسية الكبيرة.
  • الكلفة المالية: تطلب المشروع استثمارًا ضخمًا قُدر بـ 10.8 مليار درهم. هذه الكلفة المالية الباهظة تعكس حجم الأعمال الترابية والمنشآت الفنية والجسور المطلوبة لاختراق تضاريس المنطقة المعقدة.

2. الشبكة المرورية ومحاور المبادلات الحيوية:

لضمان اندماج الطريق السيار مع النسيج الحضري والريفي المحيط، تم بناء شبكة معقدة من الوصلات:

  • 13 محوَرًا للمبادلات (Échangeurs): تشكل هذه المحاور نقاط وصل استراتيجية تسمح بالمرونة في حركة السير، وتسهل الوصول إلى المدن والمناطق المجاورة للمسار دون الحاجة للقيادة عبر الطريق السيار بأكمله. تعمل هذه المبادلات كبوابات تربط الطريق السيار بشبكات الطرق الوطنية والجهوية.
  • الطرق الموازية والموصلة: تم إنشاء العديد من الطرق الأخرى إلى جانب الطريق السيار نفسه، كان الهدف منها خدمة المناطق المجاورة والقرى التي ربما تكون قد تأثرت بمسار المشروع، لضمان استمرارية حركة السير المحلية وتسهيل ولوج الساكنة إلى الطريق الجديد.

التحديات الهندسية والمنشآت الفنية الكبرى:

مسار الطريق السيار A9 ليس سهلاً، حيث يمر عبر تضاريس جبلية ووديان عميقة ومناطق مائية، مما استدعى إنجاز منشآت فنية ضخمة ودقيقة:

1. عبور الوديان والأنهار:

تطلب المشروع بناء عشرات الجسور والقناطر لتجاوز مسارات المياه الطبيعية. ومن أبرز الوديان التي يعبرها الطريق، والتي تطلبت جهودًا هندسية خاصة:

  • سبو، وادي بو زملان، مطماطا، بوهلو، زيرك، مسون، النهر الكبير ملوية، وادي زا، وادي بورديم.
  • يتطلب العبور فوق هذه الوديان تصاميم مقاومة للفيضانات ومناسبة للظروف الهيدرولوجية المتغيرة للمنطقة.

2. الجسر العملاق في فاس:

يُعدّ الجسر المقام على مستوى المحور البدّال في مدينة فاس معلمًا هندسيًا بارزًا في المشروع.

  • ارتفاعه 69 مترًا: تميز هذا الجسر بارتفاعه الشاهق الذي يصل إلى 69 مترًا، ما جعله واحدًا من أطول الجسور من حيث الارتفاع في شبكة الطرق السيارة المغربية.
  • كان الهدف من هذا الجسر العملاق هو تجاوز العقبات الطبوغرافية المعقدة عند المدخل الغربي للمدينة، وضمان انسيابية حركة الدخول والخروج من دون التأثير على التضاريس الحضرية والمحيط الطبيعي.

3. تقاطعات السكك الحديدية والشبكات الأخرى:

لضمان سلامة وكفاءة النقل، تم بناء منشآت خاصة لتجاوز خطوط السكك الحديدية الرئيسية:

  • خط فاس - وجدة و خط الناظور - تاوريرت.
  • شمل ذلك بناء قناطر علوية أو سفلية لعبور السكة الحديدية، وكذلك حماية وإعادة توجيه العديد من شبكات البنية التحتية (الكهرباء، الغاز، الماء، الاتصالات) التي تتقاطع مع مسار الطريق.

الأهمية الاستراتيجية والآفاق التنموية:

لا تقتصر أهمية الطريق السيار A9 على تسهيل النقل فحسب، بل تُعدّ رافعة للتنمية الإقليمية:

  • ربط الأقطاب الاقتصادية: يربط الطريق المنطقة الشرقية بمدن الفوسفاط والدار البيضاء وميناء طنجة المتوسط بشكل غير مباشر عبر شبكة الطرق السيارة، مما يسهل نقل البضائع والمنتجات.
  • الولوجية (Accessibilité): يُحسن الطريق السيار من ولوجية المواطنين للمناطق الداخلية ويقلل من مدة السفر بين الشرق ووسط المغرب بشكل كبير، مما يدعم السياحة الداخلية وحركة الأعمال.
  • السلامة المرورية: يسهم الطريق السيار، بتصميمه الحديث وخصائصه الهندسية، في تحسين السلامة الطرقية مقارنة بالطرق الوطنية القديمة.

إرسال تعليق

أحدث أقدم

نموذج الاتصال