الوقف كشاهد صمود: الدور التاريخي والديني للأوقاف الإسلامية في قرية صور باهر المقدسية وتحديات الحفاظ على هويتها العقارية

الأوقاف الإسلامية في قرية صور باهر بالقدس: تاريخ وأهمية

تُعد قرية صور باهر إحدى القرى المقدسية الهامة، وتقع إلى الجنوب الشرقي من القدس، وتتمتع بتاريخ عريق يمتد لقرون. وكغيرها من القرى الفلسطينية، تشكل الأوقاف الإسلامية فيها جزءاً حيوياً من هويتها الدينية والاجتماعية، حيث تمثل شاهداً مادياً على الحضور الإسلامي المتواصل وحلقة وصل بين الماضي والحاضر.


1. أهمية الوقف الإسلامي في القرية:

في السياق الفلسطيني عامة والقدس خاصة، يتجاوز مفهوم الوقف كونه مجرد ملكية عقارية ليصبح قضية وجودية وتاريخية.

  • دعم صمود الأهالي: لعبت الأوقاف تاريخياً دوراً محورياً في دعم صمود أهالي القرية من خلال توفير مصادر دخل بسيطة للمحتاجين، ودعم المؤسسات التعليمية والدينية.
  • الحفاظ على الهوية: تعتبر الأوقاف خط دفاع أول عن هوية القرية وطابعها العربي الإسلامي، خاصة في ظل التحديات التي تواجهها القرى المحيطة بالقدس.
  • العمق التاريخي: تعود جذور الكثير من هذه الأوقاف إلى فترات تاريخية مختلفة، خاصة العصر المملوكي والعثماني، مما يثبت الارتباط الزمني للأهالي بهذه الأرض.


2. المواقع الوقفية الرئيسية في صور باهر:

تتركز الأوقاف في صور باهر في عدة مواقع ذات دلالة دينية وتاريخية واضحة، تشمل المباني الدينية والمقامات:

أ. مساجد القرية الوقفية:

تُعد مساجد القرية هي النواة الأساسية للأوقاف الدينية، حيث أُنشئت غالبية هذه المساجد على أراضٍ موقوفة أو تم وقف محيطها لدعمها:

  • المسجد القديم (مسجد القرية الكبير): يمثل أقدم مسجد في القرية، وقد أُنشئ على أرض موقوفة بالكامل، وما زالت التبرعات والأملاك الوقفية المحيطة به تساهم في صيانته وإدارته.
  • مسجد ومجمع أبو دراع: يعود الوقف في هذا الموقع إلى عائلة عريقة في القرية، حيث تم وقف الأرض والمبنى لخدمة المصلين وتوفير مكان للتعليم الديني.

ب. المقامات والمزارات الوقفية:

تنتشر في القرية وحولها بعض المقامات والمزارات التي تحظى بتقديس أهلي، وتُعد أراضي هذه المقامات في حكم الوقف العام:

  • مقام الشيخ أحمد (أو مزار الشيخ أحمد): يقع هذا المقام في منطقة عالية من القرية، ويُعتبر وقفاً إسلامياً تاريخياً يحظى باحترام الأهالي، وقد توقفت حوله بعض الأراضي الزراعية لدعم صيانته.
  • مقام الشيخ أبو دراع: له أهمية دينية وتاريخية، والأرض المحيطة به هي جزء من الوقف التاريخي للقرية.

ج. الأراضي والمقابر الوقفية:

يشكل الوقف الزراعي والعقاري جزءاً هاماً من أوقاف القرية، إلى جانب الأوقاف المخصصة للدفن:

  • أراضي "الحَبوس": وهي الأراضي الوقفية التي كانت تُخصص ريعها لدعم المساجد والفقراء، وتنتشر في محيط القرية وتعد من أكثر الأوقاف عرضة للمخاطر والتعديات بسبب التوسع العمراني ومحاولات الاستيلاء.
  • المقبرة الإسلامية: تُعتبر مقبرة القرية وقفاً إسلامياً لا يجوز التصرف فيه أو تحويله، وهي تعكس أهمية الوقف كجزء من دورة الحياة الاجتماعية والدينية.

3. التحديات التي تواجه الأوقاف في صور باهر:

تواجه الأوقاف الإسلامية في صور باهر تحديات كبيرة، تشبه التحديات التي تعاني منها الأوقاف في عموم القدس:

  • التعديات العمرانية: هناك ضغوط مستمرة من التوسع العمراني الذي يهدد حدود الأراضي الوقفية، ويستلزم جهوداً مضنية للحفاظ على سجلاتها وحدودها.
  • صعوبة الصيانة والإدارة: بسبب الظروف المعيشية الصعبة، قد لا يتوفر التمويل الكافي للصيانة الدورية للمباني الوقفية القديمة، مما يعرضها للاندثار.
  • نقص التوثيق القانوني: رغم وجود سجلات تاريخية، إلا أن تعقيدات الوضع القانوني في القدس تتطلب جهوداً إضافية ومستمرة لتوثيق هذه الأوقاف وحمايتها قانونياً من الضياع.

تشكل الأوقاف في قرية صور باهر سجلاً حياً وملكاً جماعياً يؤكد أصالة القرية ويحمي هويتها. إن الحفاظ على هذه الأوقاف وصيانتها هو جزء لا يتجزأ من الحفاظ على التراث الديني والثقافي لمدينة القدس ومحيطها.

إرسال تعليق

أحدث أقدم

نموذج الاتصال