كلمة مسلة مشتقة من اللغة الإغريقية وتعني خنجر، فالمسلات أعمدة ضخمة تكون قاعدتها كبيرة ثم تضيق باتجاه الأعلى حتى تنتهي بحافة مدببة لذلك تبدو كالخناجر، والمسلات فن معماري رائع وجميل حيث كان يغطى طرف المسلة بمعدن براق ثمين كالذهب أو الفضة حتى يعكس ضوء الشمس لمسافات بعيدة، ولكن هذه المعادن تعرضت للنهب منذ زمن بعيد ولم يبق سوى الأعمدة المصنوعة من الحجارة، وكان جلب الحجارة الخاصة بها من كهوف بمدينة أسوان، وكانت بعض المسلات تحمل على جدرانها الكثير من النقوش والرسومات الهيروغليفية، وهي اللغة المصرية القديمة، وقد خلّدت هذه الكتابات الحضارة الفرعونية ونقلت ملامحها عاصمة مصر، وقد أقيمت منذ أكثر من 4 آلاف عام، وأطول مسلة موجودة في أسوان (مدينة في صعيد مصر) ويبلغ ارتفاعها 39 مترا.
تتفرد الحضارة الفرعونية بأنها الحضارة الوحيدة التي بها فن إنشاء المسلات. فما أروع العمارة الفرعونية. فراعنة مصر شيدوا العديد من المسلات.. تحتمس الثالث كان أكثر الفراعنة تشييداً للمسلات.خلال سنوات حكمة شيدت سبع مسلات منها خمسة أقيمت في طيبة ( الأقصر ) واثنتان في معبد أتون بهليوبوليسو للأسف.
لا يوجد لتحوتمس أية مسلة في مصر حالياً لقد خرجت مسلاته لأوروبا وأمريكا.
الرومان كانوا أول من أتى علي المسلات المصرية إذ يوجد في روما ثلاث عشرة مسلة مصرية عدا ما هو منصوب خارجها. أضخم هذه المسلات هي المقامة في ساحة الشعب بروما وارتفاعها اثنين وثلاثين متراً تقريباً وتزن 235 طنا وقد نقلت إلي روما في القرن الأول ق.م. الأمبراطور البيزنطي قسطنطين
نقل إحدي مسلات تحوتمس الثالث من الكرنك بالأقصر إلي القسطنطينية وهي منصوبة حالياً في أسطنبول
قرب مسجد السلطان
.. ثم جاءت الحملة الفرنسية ونابليون إلى مصر فأرسلت جوزفين لزوجها نابليون خطابا جاء فيه ‘
‘إذا ذهبت إلي طيبة (الأقصر ) لاتنسى أن تحضر لي مسلة معك !!
كان نابليون يريد محاكاة الرومان بنقل إحدي المسلات من مصر إلي باريس لكن الظروف السيئة التي أحاطت بالحملة لم تمكنه من ذلك.
وفي عام 1822 استطاع النابغة شامبليون فك رموز حجر رشيد وبذلك بدأت صفحة جديدة لاكتشاف أسرار الحضارة الفرعونية وظهر اهتمام حكومات أوروبا بهذه الحضارة ..فكلا من حكومة فرنسا وبريطانيا طلبتا
من محمد علي باشا إحدي المسلات المصرية بعد نهب الرومان للكثير من مسلات مصر لم تتبق إلا القليل منها مسلتان لم يتمكن الرومان من نقلهما فظلتا شامبليون أفهم حكومته الفرنسية أن هاتين المسلتين ليستا بحالة جيدة وأن أفضل مسلة موجودة في مصر هي مسلة حتشبسوت المقامة بمدخل معبد الأقصر
. وقد وافق محمد علي أخيراً علي إهداء هذه المسلة إلي فرنسا التي كلفت المهندس أبولوينير بنقلها من الأقصر في يناير 1831 ووصلت إلي باريس في ديسمبر بالإسكندرية قرر محمد علي باشا منحمها لفرنسا وانجلتر
ا إلا أن 1832 بعد رحلة بالغة المشقة يطول شرحها.
أقيمت المسلة في ميدان الكونكورد أكبر وأجمل ميادين العالم في حفل حضره لوي فيليب ملك فرنسا وزوجته ويذكر البعض أن سكان باريس خرج منهم حوالي 200 ألف شخص لمشاهدة تنصيب المسلة علي قاعدتها.
و في مقابل إهداء محمد علي المسلة لفرنسا أهدي لوي فيليب محمد علي الساعة المركبة بقصر محمد علي بالقلعة.
أما مسلة تحوتمس الثالث بمعبد آتون بهليوبوليس أهديت احداهما إلي انجلترا والأخري إلي الولايات المتحدة الأمريكية وبذلك تكون إحداهما بالبر الشرقي للأطلسي والأخري بالبر الغربي للأطلسي وبينهما مسافة حــوالي 5 آلاف كيلو متـر بعد أن كــانت المسـافة بينهما خـمسة أمتــار فــقط في هليوبوليس. المسلتان توأمتان فهما متشابهتان في النقــوش والمقــاسات عـدا فارق طفيف ارتفاع الواحد حوالي 21 متراً وتزن حوالي 190 طنا
وقد شيدتا عام 1470ق.م. وظلتا في هليوبوليس حوالي 15 قرنا إلي أن نقلهما إلي الاسكندرية الامبراطور أوغسطس عام 10 ق.م وأطلق عليهما أبرتي كليوباترا.
ليست هناك تعليقات